العناد السياسي
الثلاثاء, 07 نوفمبر, 2017 - 05:53 مساءً
عدن ضحية العناد السياسي، تصلب العقل والرؤية والمواقف عناد لا يمت لسياسة بشيء، فالسياسة فن الممكن، والعناد عفن الممكن لإرغام الطرف الآخر على الاستسلام لمشروعهم وقناعاتهم دون قيدٍ أو شرط.
هذا النوع من البشر ضحية حماقته وعناده، السياسة مرونة وسعة صدر وعقل وصبر وتكيف مع الواقع، ومجريات الأمور، وكسب شعبي وتأييد إقليمي وأممي وحوار والأخذ والعطاء للحصول على الحق بسلاسة وبأقل الخسائر الممكنة، بما يتوافق مع الرأي العام الحصيف بحيث لا يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
العناد في السياسة لا يُثمر إلا الانتصار للأنا، مما يجعل الجميع يدفعون ثمناً لا يرتضونه، وقد يجدوا أنفسهم في مواجهة علنية بعيداً، يفقدون بها دبلوماسيتهم، فيفقدون كل شي، ولنا تجارب مريرة لا زلنا نعيشها لليوم، نحن ضحايا عناد عفاش لنصف قرن، وعناد الحوثي ثلاث سنوات حرب، وما زال العناد يهدد الوطن والجنوب وعدن..
هناك فرق كبير بين السياسة والعناد.. فـالسياسة حكمة وذكاء وقدرة على الإدارة وإرضاء لكافة الأطراف مع مراعاة الحفاظ على العلاقات، وكسب تأييدهم بعيداً عن الخصومة الفاجرة، ولم الشمل ورأب الصدع وترميم الشروخ الاجتماعية والوطنية؛ والعناد حشد وتحريض ومناكفة ووعيد وتهديد وغرور، والشعور بالقوة لحسم الموقف بالعنف وحب الأنا وتصدر المشهد، والله يعلم ما في القلوب من نوايا، إذا كانوا مصرين على مشروعهم أو الطوفان، السياسة والعناد وجهان لأنظمة الخير والشر.
ما نحن فيه بعدن هي مآلات العناد السياسي الغبي وتكاليفه الباهظة التي يدفعها الناس، فتأمل، الوجع والألم والفشل الواضح في إدارة البلد شرعية وشركائها وخصومها والتحالف، تأمل ما يحدث في عدن جيدا وبنفس وطني محب لهذه المدينة، متجرد من التعصب والشحن والارتهان، سترى مشهد السجين المظلوم الذي تحول لسجان ظالم، سترى المقاتل الصادق والمحب لوطنه المتهم اليوم ما لم يكن سجين مهان، وسترى الفاسد والقاتل الذي كان يوما ضد الثورة الشعبية اليوم ثائر وفي منصة الثورة يهتف بشعاراتنا ويغني أناشيدنا ويخاطب أحلامنا وطموحاتنا، يعيشون حياة الرغد والنعمة في وجوههم، والشعب يعاني مهدور الكرامة، ومواجهات ضحاياها أبنائنا، اليوم ميناء الزيت جريمة العناد القذر، ومليشياتهم تداهم المستشفيات لتخطف ملائكة الرحمة تداهم البيوت الآمنة وتعبث بحياة الناس بحجج الإرهاب، ومعسكرات الإرهاب معروفة، ومعروف من يحمل أفكار ضالة وإرهابية، يعبر عنها في مواقفه مع الآخر، الإرهاب حرب قذرة ضحاياها شباب مدني نير العقل من أبناء عدن (أمجد عبدالرحمن وعمر باطويل ورفاقهم)، شيوخ وأئمة المساجد المعتدلين ورجال أعمال الخير، محافظ عدن جعفر محمد سعد ومقاومة شباب عدن الطاهرة كالإدريسي ورفاقه مثالاً، وهم كثر والقائمة طويلة والملفات في أروقة الأمن، وتم القبض على المتهمين تصريح مسئول، ومن وقتها تكتم عن مصيرهم لا خبر ولا علم.
ومن عجائب زمن العناد أن الإرهاب يجرف عدن من أخيارها ومدنيتها وتنوعها، وكل من يرفض الارتهان والتبعية لأجندات خارجية ولا قبيلة له ولا نفوذ يحميه، ولآخرين محميين بقبائلهم وعشائرهم ونفوذهم.
العناد الرافض لتسليم مبنى المحافظة وسكن المحافظ لتستقر عدن وتهدئ، وتدار أمورها بسلاسة دون منغصات، وتطبع الحياة ونبدأ ببناء المؤسسات وتحريرها من المليشيات والفاسدين لصوص الإيرادات، اليوم يمنع أحمد سالمين من دخول المحافظة من قوات لا علاقة لها بهموم عدن وأبنائها وتطبيع الحياة فيها، وقد يكونون من خارج عدن تديرهم أجندات وتعصب وعناد.
وشرعية فاشلة ينهار أمامها الريال وينهار وطن وهي مستسلمة لواقع العناد ما لم تكن جزءا من هذا العناد القذر الذي يهدد واقعنا وحياتنا ومستقبلنا.
من يتذرع بالحسم والموقف الذي لا رجعة عنه فلا مبرر للعناد، صاحب الحق لا يعاند بل يقدم التنازلات من أجل الصالح العام والهم العام والموقف العام وإظهار النوايا الحسنة والفعل الوطني الذي يجمع كل القوى السياسية في إطاره و يوحد الشعب ليقول كلمته الفصل في صندوق انتخاب واستفتاء لا غبار عليه، صاحب الحق هو السباق في حسن النوايا لاختصار الوقت والجهد وتجنب تبعات الموجعة على الأرض والإنسان.
*نقلاً عن يمن مونيتور