×
آخر الأخبار
مؤسسة "وطن" تقدم قوافل غذائية لجرحى الجيش والمقاومة في مأرب المنتخب الوطني يخسر أولى مبارياته بخليجي 26  "إدارة اليمنية" تجدد مطالبتها بإطلاق طائراتها من فبضة الحوثيين في مطار صنعاء     اطلاق سراح إعلامية من سجون  مليشيا الحوثي في صنعاء برئاسة الوكيل ثعيل .. تنفيذي أمانة العاصمة يناقش خطط العام 2025 "مركز حقوقي" يؤكد العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين في سوريا منذ 2012    "المقطري" تطالب بإطلاق سراح المختطفات من سجون الحوثيين بصنعاء غارات عنيفة تستهدف مواقع عسكرية للحوثيين في صنعاء "القسام" تعلن قتل خمسة جنود إسرائيليين في مخيم جباليا ‫ تقرير حقوقي: نصف مليون جريمة قتل ارتكبتها عصابة الحوثي بحق اليمنيين خلال عشرة أعوام

حفلة استثنائية قرب ثلاجة الموتى

الأحد, 10 ديسمبر, 2017 - 04:52 مساءً


في القرن السادس عشر الميلادي، وصل التشفي بالقتلى إلى ذروته داخل اليمن.
 
تتفق الروايات أن الإمام شرف الدين "يعد من أبناء عمومة الحوثيين" قد أرسى نظام الرهائن لضمان تطويع الشعب لحكمه، حين اختلف مع قبائل خولان القريبة من العاصمة قام بقطع أيدي وأرجل  ثمانين رهينة كانوا موجودين في صنعاء، كما قتل من حلفائه الأشراف ألف قتيل، وضرب أعناق ستمائة أسير بوقعة سميت بوقعة «المخلاف».
 
وفي سنة 940 هـ قامت ثورة ضد شرف الدين فتوجه ابنه المطهر لوأدها بوصفها فتنة، قامت معركة شهيرة تعرف بمعركة موكل، قتل ثلاثمائة من الثوار، لكن التشفي وقع بعد ذلك بالأسرى، لقد أسر ألفان وأمر بضرب أعناق ألف «حتى غمرت دماؤهم حوافر بغلته»، وأمر بإرسال الألف الباقين إلى والده في صنعاء حاملين رؤوس أصحابهم القتلى.
 
حوادث النظام الإمامي التاريخية تتكرر وإن بصورة مقننة.
 
اقتل حليفك ثم احتفل
 
على خط التشفي بالقتل، ومع أن الجثة مازالت محتجزة، احتفل الحوثيون بمقتل الرئيس اليمني السابق علي صالح، ومازال الصخب متعاليًا قرب ثلاجة الموتى.
كان صالح قد تحالف معهم وأرشدهم إلى العاصمة، لتلهج ألسنتهم بمزية التسامح مع الرجل الذي شن ستة حروب عليهم بوصفهم جماعة متمردة وتصفية مؤسسها حسين بدر الدين في 2004، واحتجاز الجثة لدى النظام لمدة تسع سنوات.
 
التسامح المفاجئ انتهى كما أتى بعد خلافات مباغتة بين صالح والحوثيين. التخلص من صالح كان في 4 ديسمبر، الأسبوع الماضي وسط منزله بصنعاء، ولم يكن ذلك مفاجئًا بالنظر إلى تاريخ الإمامة الحافل بتصفية الحلفاء والخصوم على السواء. كان المفاجئ طريقة التشفي بمقتل الرئيس السابق نفسه.
في يوم مقتله تحديدًا أكد زعيم جماعة الحوثي أن ذلك اليوم «تاريخي واستثنائي» كما دعا أنصاره إلى تظاهرة حاشدة شكرًا لله على مقتل صالح.
 
ستخرج الجماهير إلى شارع المطار الذي أصبح المكان الرمزي لتجمع جماهير المليشيا، وهناك رقص خطيب جامع الصالح الذي وصفهم بدعاة الفتنة في آخر جمعة، احتفل بمقتل الرئيس الذي كان يدفع له راتبًا زهيدًا زهاء خطبه المفوهة وضراعته التي لا تخل من خشوع.
 
ظلت صنعاء تحفل بالحشد والحشد المضاد في آخر ثلاثة أشهر، كانت معقل صالح لاستعراض جماهيريته، غير أن الجماهير التي خرجت بعد يومين من مقتله كانت غفيرة، حتى أن أحد أبناء تعز وسط اليمن علق ذاهلًا: تعز تتعرض للقصف من 2011 من قبل مدافع الرجل، ومع ذلك لم تخرج لتحتفل بمقتله بينما خرجت صنعاء.
 
منازل مدمرة
 
إبان الثورة الشبابية في 2011 التي قامت على صالح، تعرضت مدينة تعز وسط اليمن إلى قصف عنيف، سقط مئات القتلى وآلاف الجرحى، ومن أواخر 2014 وهو التاريخ الذي وصلت فيه مليشيا الحوثي المتحالفة مع قوات الرئيس السابق إلى تعز، لم تتوقف القذائف العشوائية والقتل اليومي في المدينة، وكان صالح قد ظهر قبل نحو ثلاثة أشهر أمام جمع من الحوثيين وانصاره قبل فض الشراكة ليقول لهم «دقوهم بالقناصات».
 
جماهير تعز انقسمت بعد مقتل الرجل، منهم من سيبدي حزنه ومنهم سيصمت، تباينت ردود الأفعال وكان أهمها تلك التي راحت تعقد مقارنة أخلاقية بين الحوثيين والمقاومة الشعبية المناهضة للحوثيين.
الناشط عبدالعزيز سرحان كتب على صفحته في الفيس بوك: «نحن رفضنا الخروج للاحتفال بمقتل صالح، ضغطنا على جراحنا حتى لا يفرح العدو الخارجي للبلاد» وأردف سرحان «كنت أسأل الله أن لا يموت أبي قبل أن يرى نهاية صالح الذي دمر بيته سنة 2011 بأكثر من 40 قذيفة وتركه بلا منزل حتى اليوم، اتصلت بأبي بعد مقتل صالح ووجدته حزينًا».
 
كانت المقاومة الشعبية في تعز قد حررت منزل الرئيس السابق في حي الجحملية شرق المدينة بعد أن تحول إلى ثكنة عسكرية تموقعت فيها قناصات المليشيا، وحين تم تحريره لم تفجره المقاومة ولم تمسه بسوء، بينما قام الحوثيون باقتحام منازل صالح في صنعاء وتدمير احداها حسب ما نقلته وكالة رويترز، كما فجرت منزل الشيخ المؤتمري أكرم الزرقة في حجة بعد مقتله واعتقال ابنه، واعتقلت الشيخ مبخوت المشرقي وفجرت منزله هو الآخر بالرغم أنهم إلى وقت قريب كانوا يقاتلون جنب إلى جنب في صف واحد.
 
في خطاب الاحتفال بمقتل صالح، قال محمد علي الحوثي إن عيال صالح يتلقون العلاج في المستشفيات، لكن البيوت مقتحمة ومدمرة، بالمقابل كان شباب كثيرون من المقاومة يعرضون على أسرة صالح الإيواء في منزلهم وسط تعز، لعل هذا ما أثار حفيظة عبدالله الفتيحي الذي أكد بأنه ليس من حق أحد أن يسامح صالح غير أسر الشهداء.
 
محاولة أخلاقية لطمأنة الجماهير
 
في سياق التصفية التي تمت يوم الأحد، بحت حنجرة الناطق الإعلامي باسم الحوثيين محمد البخيتي، بدا الإرهاق على وجهه من متاعب التنقل بين مكاتب القنوات المتبقية في صنعاء، كان يسرد التفاصيل الأخيرة بوصفه الناقل الحصري لآخر ساعات حليفهم الاستراتيجي والتخلص على من أسماه «مدبر فتنة الانقلاب على الشراكة».
ظهر البخيتي منتشيًا بالنصر وأكد للتلفزيون الألماني بأن الله هو من آزرهم في المعركة مستدلًا: «إن تنصروا لله ينصركم».
 
كل شيء انتهى، عادت صنعاء إلى طبيعتها كما أكد كثيرون من قيادات المليشيا. الشاب رضوان الحيمي المعين من قبل المليشيا مستشارًا لوزارة الاعلام، قال من بيروت على قناة العالم الإيرانية إن الجماهير في «عيوننا ورؤوسنا، إصلاحيين ومؤتمريين وعوائل المرتزقة والمنافقين». لم يعد هناك مخاوف من تصرفات المليشيا بعد مقتل حليفهم كما أظهروا أخلاقيًا، غير أن التعلق بالأخلاق كان محض زيف، إذ تستمر حتى الآن عمليات دهم منازل داخل العاصمة، والاعتداء على مظاهرات نسائية خرجن يهتفن" الشعب يريد جثمان الزعيم" قبل أن يعدن بأجساد مدماة.
 
المندوب اليمني في الأمم المتحدة أكد أن الحوثيين أعدموا أكثر من ألف شخص من أنصار صالح من بعد مقتله فقط. هذا ما يتذوقه اليمنيون يوميًا وإن بصورة أقل، قبل أن يدخل حزب المؤتمر التابع للرئيس السابق إلى قائمة أولويات الحوثيين.
 
وبحسب منظمة سام فإن الحوثيين نفذوا حملة اختطافات بالجملة بحق كوادر وأعضاء حزب المؤتمر في الوقت الذي حجبوا فيه الاتصالات والإنترنت عن المناطق المستهدفة.
 
تقييد الكلمات
 
حتى الدقيقة الأخيرة، كانت قناة اليمن اليوم التابعة للمؤتمر الشعبي العام جناح صالح، تصف التحالف العربي وضرباته بالعدوان الخارجي بما يتماهى مع الإعلام المليشياوي، إلا أن ذلك لم يشفع للقناة التي أذاعت الخطاب الأخير لصالح ودعا أنصاره للانتفاض على الحوثيين «للثورة والوحدة والجمهورية».
 
وطيلة سنوات الحرب والخط التحريري متوحد، إلا أن الحوثيين اقتحموا مكتب القناة في صنعاء، وقاموا باحتجاز 41 عاملًا في القناة، ما يزالون قيد الحجز حتى الآن، كما حولت القناة إلى قناة لهم ومنها يذمون صالح.
 
في الإعلام المقابل التابع للمقاومة الشعبية، أعلنت إذاعة مأرب المحلية أنها قامت بإلغاء كل الأغاني والزوامل التي تسيء لعلي صالح، وكذلك أعلنت قناة سهيل الفضائية التي عارضت صالح منذ انطلاقتها.
 
خلال أيام قليلة فقط، وجد اليمنيون أنفسهم في مقارنة خالية من الضغينة السياسية، غلب عليها الطابع العاطفي، إلا أنهم يرونها من صميم أخلاق المجتمع المنهك، ذلك أن ما حدث خلال الأسبوع المنصرم لم يكن متوقعاً بهذه الفجاجة، التشفي بالقتل وتسيير وفود الشكر، طمأنة الجماهير وتصفيتها بالجملة، حجب العالم الافتراضي واقتحام مكاتب القنوات، تدمير المنازل، بحق حليف لم يمض على إعلانه لفض الشراكة أكثر من يومين.
 
* نقلاً عن "المصدر أونلاين"
 
 
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

سلمان الحميدي