غيرة الأصفار!
الثلاثاء, 26 ديسمبر, 2017 - 06:42 مساءً
الغيرة - بفتح الغين - هي شعور ينتاب شخصا أو طرفا ما أن علاقته أو مكانته بشخص أو طرف آخر مهددة من قبل آخرين .
وهناك من يفصل بين الغيرة المحمودة و الغيرة المذمومة . وهذا ليس موضوع حديثنا هنا .
كما لن أتعرض للحديث عن الغيرة بين الزوجات ، لأنني غير مؤهل لذلك باعتباري ( موحدا) !
هل يغار الأبطال من بعضهم ؟ الأبطال الحقيقيون لا يغارون من بعضهم؛ لأن البطل يسعده و يسره أن يكثر إلى جانبه الأبطال ، فالنور إلى النور ضياء . إنما تكون الغيرة من الجبناء ، فبدلا من بذل التنافس الإيجابي ، أو على الأقل التكامل مع الأبطال ؛ بدلا من ذلك تكون الغيرة منهم ، و بمعنى آخر تكون الغيرة بين الصفر و الرقم الصحيح ، و لك أن تقول : بين الأصفار و الارقام الصحيحة .
فهل للصفر منفردا أو الأصفار قيمة ؟
وليس لصفر قيمة ساعة الوغى
فمنذ متى الأصفار في الحرب تنعد
فإن صحيح الرقم يغنيك في الوغى
و تخذلك الأصفار والليل مسود
الأرقام الصحيحة لا يضيرها أن يتقدم رقم عل رقم و لا تغار من ذلك؛ لأنها تبقى محتفظة بقيمتها وتزداد قوة ( الأبطال) الأرقام حولها .
المشكلة في الأصفار، مهما ضربتها ببعضها تكون النتيجة صفرا، ومها أضفت أصفارا على أصفار تبقى النتيجة - أيضا - صفرا، فإذا وضعتها في المقدمة فإنها تضعف الأرقام الصحيحة وتخذلها.
لكن حين يتقدم الرقم الصحيح، فإنه يعطي للصفر قيمة، و مهما تعددت الأصفار بعد الرقم الصحيح تكبر قيمتها .
ليس هنا مشكلتنا، المشكلة أن الأصفار تغار من الأرقام الصحيحة، وتدفعها الغيرة إلى البحث عن مكانة ليس بالتوافق والتعاون والتحالف مع الأرقام الصحيحة، ولكن تدفعها الغيرة فتقنع ذاتها أن تسابق لتضع نفسها في المقدمة وقبل الأرقام الصحيحة، وتذهب لاستجلاب وجمع أكبر ما يمكن جمعه من الأصفار.
الفارق أن الأرقام الصحيحة لا تحتقر الأصفار و لا تستهين بها ، بل تحولها من صفر إلى قيمة، لكن غيرة الأصفار ومنافستها على المقدمة تبقيها صفرا وتشوشر برنين وضجيج انتطاح الصفر بالصفر على الأرقام الصحيحة.
هنا تكمن مشكلة غيرة الأصفار التي تغرق في المناكفات و المكايدات التي تذهب إلى حد اتهام الأرقام الصحيحة بالإقصاء و الإبعاد والاحتكار، وتتناسى بل تتنصل من حقيقة أن قيمتها كصفر أو أصفار لا تتحول إلى قيمة إلا بالتكامل مع الأرقام الصحيحة .
ما أجمل و ألطف التعاون والتكامل !!
لنترك الغيرة والأرقام ووجع الدماغ، ونعرج إلى كلمة الغيرة - بكسر الغين - التي تعني الميرة أي الطعام يجلب، ثم توسع استعمال الكلمة إلى كل مواد التموين للجيش ومنه جاءت كلمة ميري.