ثورة الشعب المُغتاله
الجمعة, 09 فبراير, 2018 - 09:59 مساءً
ويأتي فبراير آخر، وذكرى أخرى تذكرنا بثورة شعبية سلمية مجيدة، سطر فيها الشعب اليمني أروع سجلات النضال، وأرقى أساليب التعبير عن آرائهم، عبروا فيها عن رفضهم لنظام شاخ ولم يخلف وراءه إلا إرث مليء بعصابات المفسدين وقطاع طرق المال العام، وكم هائل من التخلف والفقر والبطالة.
شباب وفتية شحبت أصواتهم، وسفكت دماؤهم، وقتها صب جم غضب الطغاة ومرتزقتهم عليهم، لكن كل ذلك لم يثنيهم عن مسيرتهم ولم يحني رؤوسهم ،ولم يحيدهم عن طريق السلمية التي انتهجوها .
كانت ثورة فبراير، ثورة فن وسلم وشراكة، مازلت أتذكر تلك الأيام والمشاهد والأحداث والأساليب التي واجه بها النظام البائد أولئك الشباب العزل، رصاص،وقنص، وضرب، وإيذاء، واعتقالات، وهم يرفعون أعلام الوطن بيد، وأخرى تحمل الورد لذلك الجندي المعتدي .
لم أستطع نسيان تلك الدماء، وتلك الدموع، ولم أستطع نسيان صرخات الثكالى، وأنين الجرحى، وزفرات الأيتام والمفجوعين بوفاة قريب أو حبيب .
نعم كنا نحلم بيمن مستقر ومزدهر، يسوده الأمن والأمان، ويسوسه قادة يؤمنون بحكم المؤسسات وبحقوق الشعب والوطن .
تلك الثورة التي اشترك فيها كل فئات الشعب وطبقاتهم وانتماءاتهم الايدلوجيه والسياسية، جمعهم هدف واحد وحلم واحد وتحت راية واحدة هي راية الوطن الجمهوري.
اغتيلت تلك الثورة المجيدة، نعم ، واغتيل معها حلم شعب ضحى بخيرة أبناءه وشبابه ، اغتيلت تلك الثورة وما زالت فتيه، وتكالب عليها أعداء المستقبل من كل مكان.
هاهي الذكرى السابعة لثورة فبراير تمر على هذا الوطن الجريح، لكن ما يمز هذه الذكرى بان عدوها الأول قد رحل، لم يرحل عن السلطة فحسب، بل رحل عن الحياة ولم يجد شبراً من الأرض ليواري جسده، وهكذا هم الخونة وتلك هي مصائرهم .
تلاحقت عليه اللعنات، وحاصرته دعوات المظلومين، وخنقته عبرات الثكالى والأرامل والأيتام .
لم يتعظ المفسدين ولا الطغاة مما جرى ويجري، أؤلئك الذين يريدون أن يحكموا على أنهار من دماء الأبرياء, وأشلاء الأطفال، أولئك السم القاتل الذي يسري في جسد الوطن، وينخر فيه، ليعلم أولئك بأن ثوار فبراير السلميين، قد التحقوا بمسيرة آباءهم من سطروا أروع سجلات التضحية والفداء ضد حكم كهنوتي سقى الوطن والشعب كأس الجهل والذل والتخلف عبر دعوى الحق الإلهي في الحكم، هاهم اليوم على مشارف صنعاء وتخوم تعز، وارتوت من دمائهم رمال الصحراء ،وامتزجت مياه البحار بدمائهم العطرة والزكية.
عندما أرى وجوههم المعفرة بالرمال وأعينهم أرى النصر، والعزم، والإصرار على استعادة ثورة آباءهم في سبتمبر المجيد، ووفاء لدماء أخوانهم ورفقائهم من شباب ثورة فبراير الكرامة.
ورسالة أخرى أوجهها إلى من يشتمون فبراير وشبابه ليس لشيء وإنما لأن فبراير العظيم فتح لهم نافذة إلى كهوفهم ،فاتهموه بأنه هدم مرقدهم الآمن، وأزعج الضوء ظلمة قلوبهم وسوادها فلا عزاء لكم، ولن يلتفت أولئك الأبطال إلى أقاويلكم ورحم الله أبو الأحرار الزبيري حيث وصفكم مع أسلافكم ومن كانوا على شاكلتكم بقوله:
نبني لك الشرفَ العالي فتهدِمُه ونَسْحَقُ الصَّنَمَ الطاغي فتبْنيهِ
نَقْضي على خصمكَ الأفعى فتبعثُهُ حيّاً ونُشْعُلُ مصباحاً فتُطْفِيهِ
قَضَيْتَ عُمْرَكَ ملدوغاً، وهأنذا أرى بحضنكَ ثُعباناً تُربّيهِ
وليعلم أولئك أن ما أوصل الوطن إلى هذا الحال إنما هو انتقام من استمروا في الجلوس على كراسيهم المذهبة لسنوات فهزت الثورة مقاعدهم وكشفت سوءتهم وقطعت عنهم مسيرة الفساد فظنوا انهم ينتقمون منهم فهدموا الوطن وباعوه بثمن بخس وفي دقائق معدودة ، فكفوا توجيه أصابع الاتهام إليهم ولا تحملوا أحرار فبراير ذنباً لم يقترفوه، والتحقوا بمركب العزة ووحدوا جهودكم نحو من سلب الوطن منا، وقرر بان يبيعه لأسياده في خلف النهرين.
ستضل يا فبراير مجيد في قلوبنا، وستظل كما أنت محطة تزود للشعب بالحرية وكرامة والإباء، ستظل امتداد لسبتمبر الخلود وأكتوبر النصر، سنظل نحتفل بذكراك ولن نحني رؤوسنا لغاشم أو مستبد أو كهنوت، لن نعود لحكم الغاب وسنواصل المسير، وسيتجدد الكفاح والنضال ديدننا حتى نحقق نصراً مبينا، وغداً سنحتفل سوياً بــ فبراير في ميدان التحرير في قلب العاصمة صنعاء بإذن الله.
فتحية إكبار وإجلال لرجال فبراير الشرفاء، والمجد للشهداء الكرام والحرية والازدهار للوطن المعطاء .