×
آخر الأخبار
مؤسسة "وطن" تقدم قوافل غذائية لجرحى الجيش والمقاومة في مأرب المنتخب الوطني يخسر أولى مبارياته بخليجي 26  "إدارة اليمنية" تجدد مطالبتها بإطلاق طائراتها من فبضة الحوثيين في مطار صنعاء     اطلاق سراح إعلامية من سجون  مليشيا الحوثي في صنعاء برئاسة الوكيل ثعيل .. تنفيذي أمانة العاصمة يناقش خطط العام 2025 "مركز حقوقي" يؤكد العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين في سوريا منذ 2012    "المقطري" تطالب بإطلاق سراح المختطفات من سجون الحوثيين بصنعاء غارات عنيفة تستهدف مواقع عسكرية للحوثيين في صنعاء "القسام" تعلن قتل خمسة جنود إسرائيليين في مخيم جباليا ‫ تقرير حقوقي: نصف مليون جريمة قتل ارتكبتها عصابة الحوثي بحق اليمنيين خلال عشرة أعوام

حزب الإصلاح اليمني.. منهج السياسة والحرب

الخميس, 15 فبراير, 2018 - 03:57 مساءً


يواجه حزب التجمع اليمني للإصلاح حملات إعلامية منظمة بدأت منذ العام 2011م على خلفية موقفه المؤيد لثورة فبراير السلمية، تتضمن تلك الحملات اتهامات متعددة كدعمه للجماعات المتطرفة وتبعيته التنظيمية للإخوان المسلمين، وطبيعة سياساته النفعية، وعن طبيعة توجهاته وسياساته تجاه أصدقاء اليمن وجيرانه. وارتفعت وتيرة تلك الاتهامات عاليا منذ بداية التحرك العسكري الحوثي في العام 2014م لتصف عناصر الحزب بـ"الدواعش" و"التكفيريين" لتبرير اجتياحهم المسلح للمحافظات اليمنية ومحاولة كسب حلفاء في الداخل والخارج. وخلال هذه السطور نتتبّع عددا من المواقف والأحداث العملية المتعلقة بـ"لإصلاح" سواء على مستوى مواقفه السياسية أو على صعيد مشاركاته في حروب الدولة والتي تكشف جانبا مهما من طبيعة منهجه وثوابته الوطنية وعلاقاته الداخلية والخارجية.
    
يقول الحزب عبر قياداته وبياناته الرسمية بأنه لا توجد أية علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بجماعة الإخوان المسلمين، وحين نستعرض المواقف والأحداث التي شارك فيها "الإسلاميون" في اليمن قبل تأسيس حزب الإصلاح في العام 1990م لا نكاد نجد وثيقة واحدة تم توقيعها تحت اسم الإخوان المسلمين رغم كثرة الاتفاقات المدونة في فترة السبعينيات والثمانينيات، بينما هنالك وثيقة رسمية تم التوقيع عليها تحت اسم الحركة الإسلامية وقعها عبد الوهاب الآنسي أمين عام الإصلاح الحالي، وهي وثيقة متعلقة بما سُميت بحروب المناطق الوسطى التي قادتها الدولة في مواجهة التمرد العسكري للمدّ اليساري القادم من جنوب اليمن، ربما تعود سبب تسمية "الحركة الإسلامية" إلى طبيعة فترة نشوئها في ظل نشاط حركات المد اليساري الماركسي الشيوعي الداعية إلى الإلحاد والتي كانت قد انطلقت من جنوب اليمن باتجاه شماله، فكانت تسمية "الحركة الإسلامية" بمثابة المعادل الموضوعي ومحاولة لإبراز هوية الشعب اليمني الإسلامية، وربما هي ذات الأسباب في تسمية "الصحوة الإسلامية" التي اشتهرت في بعض دول الخليج في تلك الفترة.
   
المعارك العسكرية
شاركت الحركة الإسلامية -التي يقول قادتها بأنها حركة يمنية خالصة ممتدة من حركة الإصلاح الوطني- شاركت في عدة معارك عسكرية سواء في فترة ما قبل التعددية السياسية أو بعدها وأبرز تلك الحروب هي حروب المناطق الوسطى 1979/1981م، وحرب الانفصال في العام 1994م، ومعركة استعادة الدولة منذ العام 2014م وحتى الآن.
 
وبالنظر إلى طبيعة وظروف ومعطيات مشاركة الحركة قبل 90م أو الحزب بعد 90م في جميع تلك الأحداث؛ نجد أن هنالك ثلاث سمات بارزة تُميّز طبيعة وشروط تلك المشاركة: الأولى: تمت جميع تلك المشاركات العسكرية إسنادا للدولة اليمنية واستجابة لنداء سلطاتها وفي إطار مؤسساتها الرسمية. الثانية: أن تلك المشاركة لم تتم باسم أعضاء الحركة أو باسم الإصلاح بل باعتبارهم يمنيين ضمن المكونات اليمنية المدعوّة للمشاركة وعلى رأسها أبناء القبائل من أعضاء الإصلاح المتمرسين في القتال بطبيعتهم وظروف حياتهم. والثالثة: أن القيادة كانت تسارع فور انتهاء الظرف العسكري إلى حلّ التشكيلات العسكرية لعناصرها في فترة قياسية والعودة بها إلى العمل المدني.
    
قررت الحركة الإسلامية في العام 1979م المشاركة بعناصرها وأنصارها القبليين في المواجهة المسلحة في حروب المناطق الوسطى إسنادا للدولة التي قررت مواجهة المد الماركسي المسلح؛ الذي اجتاح بعض مناطق الجمهورية اليمنية قادما من جمهورية اليمن الديمقراطية المدعومة من الاتحاد السوفياتي، فقد كانت القوات الجبهوية قد تمددت في مناطق الجمهورية اليمنية بالتوازي مع تمددها في سلطنة عمان التي لم تستطع القضاء على ذلك التمدد سوى بالتدخل الإيراني البريطاني. وبعد أن تم إخماد التمرد سارعت قيادة الحركة الإسلامية إلى حل تشكيلاتها العسكرية وسحب سلاحها المتوسط وإعادته للدولة لأنه لم يكن مثل ذلك السلاح في متناول أيد القبائل اليمنية، ثم سارعت الحركة الإسلامية بعد خروج عناصرها من المعارك العسكرية في العام 1981م إلى تطبيع الوضع المدني وترسيخ النهج السلمي عبر تسخير كافة مقدراتها في وضع الميثاق الوطني في ذلك العام كصيغة فكرية للنظام السياسي، ثم تأسيس المؤتمر الشعبي العام في العام نفسه ليكون حاملا سياسيا لفكرة الميثاق الوطني وقد أسهمت الحركة بكوادرها وخبراتها ورموزها في تأسيس هذه الصيغة الجديدة للعودة بالدولة وبالشعب إلى وضع بناء الدولة الحديثة.
    
في حرب العام 1994م ضد الانفصال في جنوب اليمن شارك الإصلاح معركة الشرعية استجابة لنداء الدولة وفي إطار مؤسساتها الرسمية، وواصل الإصلاح بعدها عمله المدني في المنافسة الانتخابية رافعا شعارات النضال السلمي ومستخدما أدواته في مختلف المراحل. وكذلك الحال في العام 2014م حيث استجاب الإصلاح لدعوة الرئيس اليمني هادي في الاصطفاف الوطني السلمي، ثم الاستجابة لندائه في المشاركة العسكرية بعد إعلان عاصفة الحزم، حيث انخرطت عناصر من الإصلاح ضمن تشكيلات المقاومة الشعبية التي انصهرت لاحقا ضمن مكونات الجيش اليمني والتي ما تزال تخوض معركة استعادة الدولة تحت قيادة الجيش اليمني وقوات التحالف العربي.
        
النهج السياسي
في الممارسة السياسية ثمة سمات بارزة تميز الإصلاح فاعلا سياسيا منفتحا على كافة القوى والمكونات في إطار برنامجه الوطني، متنازلا عن كثير من مواقفه الفردية تجاه شركائه سواء في السلطة أو المعارضة تقديرا للمصالح العامة، ومحافظا على سياساته وعلاقاته المبدئية مع الداخل والخارج، وتبرز تلك الملامح من خلال استعراض عدد من الشواهد أهمها:
 
أولا: المبادئ والأسس والأهداف الموثقة في جميع أدبيات تأسيس الإصلاح التي حددت النهج السلمي والوسائل الحضارية في السعي لتحقيق الأهداف الوطنية والانفتاح السياسي الإيجابي على كافة الشركاء والحلفاء والأصدقاء داخليا وخارجيا في إطار المصلحة الوطنية.
       
ثانيا: تنازله عن المرتبة الثانية التي حصل عليها في أول انتخابات تشريعية بعد الوحدة في العام 1993م لصالح الحزب الاشتراكي اليمني تقديرا لمصلحة الحفاظ على الوحدة اليمنية؛ حيث حلّ الحزب الاشتراكي بموجب ذلك في المرتبة الثانية بعد المؤتمر الشعبي العام وتراجع الإصلاح إلى المرتبة الثالثة. وقد دخل الإصلاح في الائتلاف الحكومي وفقا لهذه النسبة.
   
ثالثا: مشاركته في تجذير التجربة الديمقراطية الناشئة بانتقاله من صف السلطة إلى صف المعارضة بعد انتخابات العام 1997م التي أفرزت نتائجها حصول الإصلاح على (53) مقعدا، ورفضه عروض السلطة في المشاركة الوزارية، تكريسا عمليا لمبدأ التداول السلمي للسلطة، ودون منّ أو استقواء بمواقفه وتضحياته في المراحل والمنعطفات الماضية.
 
رابعا: رفع الإصلاح في مؤتمره العام الثالث شعار "النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات" الذي استمر أربع سنوات، ثم رفع في مؤتمره العام الرابع شعار "النضال السلمي طريقنا للإصلاح الشامل" ولم تكن تلك العبارات مجرد شعارات مؤقتة بل كانت ترجمة فعلية لإستراتيجيات ومنهجيات المراحل، رافقها عدد من الأنشطة والفعاليات في الإطار السلمي؛ كالترتيب لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأت فعالياته بعقد ملتقى التشاور الوطني الذي ضم رموزا وطنية معارضة من الشمال والجنوب منذ العام 2008م، وهذا ملمح مهم في منهج الإصلاح وأدواته في نضاله السلمي.
 
خامسا: دور الإصلاح في تأسيس اللقاء المشترك الذي ضمّ مكونات سياسية يمنية مختلفة المشارب والأفكار، اليسارية والقومية والراديكالية، ضمن برنامج عمل وطني جامع تصدّر واجهة عمل المعارضة تحت قاعدة المصلحة الوطنية العليا.
 
سادسا: مشاركة الإصلاح الفاعلة في الثورة الشبابية الشعبية السلمية وسعيه لتحقيق أهدافها باعتباره إحدى أهم الروافع السياسية للثورة، ومحاولته التوفيق بين حماس الشباب وبين إمكانات التغيير، والتعاطي الإيجابي مع جهود الأشقاء وعلى رأسها المبادرة الخليجية التي وقع عليها وأسهم بفاعلية في تنفيذ بنودها التي يختص بها، تقديرا للمصلحة الوطنية.
 
سابعا: تأييده المعلن لعاصفة الحزم التي أعلنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وهو الحزب الوحيد الذي أصدر بيان التأييد كحزب واحد غير متشرذم؛ رغم إدراكه لحجم التضحيات التي ستطال قاعدته الشعبية الواسعة في مختلف محافظات ومديريات وقرى اليمن.
  
من خلال استعراض المواقف والأحداث السابقة يتبين الخط الوطني لحزب التجمع اليمني للإصلاح وطبيعة خصوصيته اليمنية، وعدم شذوذه عن خط الدولة ومؤسساتها، فلم يستطع أحد أن يسجل على الإصلاح أنه شكل مليشيا عسكرية أو خاض معركة خاصة به، أو أنه خارج أطر الدولة الرسمية، كما أن الاصلاح اعتمد النهج السلمي في كافة أنشطته وفعالياته ومشاركاته السياسية مسهما في تجذير وتكريس النهج الديمقراطي، كما أن الإصلاح انفتح على كافة الشركاء والفرقاء تحت قاعدة المصلحة الوطنية العليا، كما راعى علاقات حسن الجوار في إطار مواقف الدولة، ولم يستطع أحد أن يسجل على الإصلاح أية إساءة إلى أي من جيرانه دولا وشعوبا ومكونات؛ لا عبر بياناته وتناولاته الإعلامية ولا عبر توجهاته وعلاقاته السياسية. هذا الثبات وتلك المرونة ستظل مصدرا إعجاب وإلهام في بلد لم تزل تعصف به الأحداث المتوالية.
 


اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

د. عمر ردمان