نظرية الاصطفاء الالهي ومنهج ابليس ( 2 ــ 3 )
الاربعاء, 21 فبراير, 2018 - 04:53 مساءً
الرد على المطرفية
شعر دعاة العنصرية بقوة حجة واستدلالات المطرفية على المساواة ، فكان أن كفروهم وأحرقوا كتبهم وحذروا الناس من ضلالاتهم ! ، ثم استخدموا بعض أدلتهم بطريقة عكسية ، فبدلا من تشبيه من يدعي الافضلية العرقية باتباع منهج ابليس لأنه أول من تفاخر بجنسه ، كما قال علماء المطرفية ، قال أئمة وعلماء الهادوية ان من رفض ان يقر لهم بالافضلية والاصطفاء الالهي بالنسب ، هو من يشبه ابليس لانه رفض أن يسجد لآدم !! ففي رده على علماء المطرفية القائلين بالمساواة ورفض التفضيل لمجرد النسب ، قال الامام عبد الله بن حمزة".
واعلم أن هذه مهواة، دحضت فيها قدم إبليس -عليه لعنة الله ولعنة اللاعنين من الملائكة والناس أجمعين- وذلك أنه أنكر تفضيل الله -تعالى- لآدم -صلوات الله عليه- إبتداءً، وهذا كفر، إعتقد أنه أفضل منه ؛ لأنه خلق من النار وآدم -عَلَيْه السَّلام- خلق من الأرض، وهذا جهل.
أمَّا أن إنكاره كفر: فلأنه أوجب على الله أن لا يفضل بعض خلقه على بعض، فكفر لأجل ذلك، ثم أضاف إلى هذا الكفر جهلاً آخر وهو أن النار أفضل من الأرض، والنار وإن اختصت بنوع من الخواص ، أو نوعين أو ما يزيد على ذلك قليلاً من النفع ، فليس فيها ما في الأرض من الخواص، والمنافع الجليلة الأخطار، والدلائل على الواحد الجبَّار ؛ ....، فمن أين تكون النار كما ذكر عدو الله -عليه لعنة الله- مثلاً للأرض، فضلاً عن أن تكون خيراً منها كما اعتقد عدو الله الجاهل؟ فقد رأيت الإعتراض على الحكيم في حكمته إلى ما يؤدي ، فتدبر موفقاً ما ذكرنا، فإنه يفضي بك إلى برد اليقين ولذّة العلم، ويخرجك عن دائرة المقلدين، وأهل الحيرة المتلذذين الذين نبذوا هداتهم. ولم يرضوا بهذه المصيبة حتى أضافوا إليها ما هو أعظم منها، وهو أنهم مثلهم، وربما يتعدى ذلك منهم من يختص بضرب من الصفاقة والوقاحة فيركب مركب إبليس -لعنه الله- في أنهم أفضل من أهل عصرهم من عترة نبيئهم [صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم] ويحتج لذلك بكثرة عبادتهم كما فعل الملعون ، وقد قيل إن من إحتجاجه -لعنه الله- في إنكاره لابتداء الله لآدم بالتفضيل أنه عبَدَ الله من قبله بستة آلاف سنة، ونسي عدوّ الله أن العبادة لله لا تتم إلا بالتسليم لأمره، والرضاء بقضائه وحكمه، فقد رأيت كيف قاد هذا الخلاف إلى كل جهالة ، وأنه أصل لكل ضلالة، فنسأل الله -تعالى- العصمة والرحمة." (عبد الله بن حمزة شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة ، ص368 ــــ 369).
وعلى منوال عبدالله بن حمزة ذهب علماء الهادوية المعاصرين كما سنرى في الحلقة القادمة .