يوم اعتقالي!
الأحد, 14 أكتوبر, 2018 - 10:51 صباحاً
الـ7 والنصف مساءً "الخميس" 13 أكتوبر، وصلت إلى أمام المنزل الذي كنت مستأجراً فيه شقتي، أوقفت سيارتي الصغيرة، وكان برفقتي زوجتي، طلبت منها ان تذهب للشقة لأخذ بعض احتياجاتها لأنني كنت أرغب بأخذها إلى منزل أسرتها.
كنت عائداً وقتها انا وزوجتي من مستشفى القاهرة القريب من المنزل، حيث قمت باسعاف زوجة شقيق زوجتي، وأوصلتهم إلى المنزل، وأبقيت طفلتي "ربى" معهم، ثم ذهبت إلى شقتي، وحينها كانت زوجتي طلبت مني الصعود إلى الشقة بينما تجهز اغراضها، لكني أخبرتها انني سابقى في السيارة حتى تعود.
لم تمر سوى دقيقتين فقط من صعودها المنزل، حين وصل طقم على متنه ما يقارب 10 مسلحين، حاصروا سيارتي، وطلبوا مني أوراق سيارتي وبطاقتي.
كنت أحمل كرت سيارتي الذي كان لا يزال باسم مالكها السابق، وحينها استغربوا ان البطاقة باسم الصايدي، وكادوا أن يغادروا، قبل أن يصل شخصين، كأنهما من أبلغا عني، وصلا إلى المكان يسألان عما جرى وبعبارات "يا يوسف عجلان ايش في"، وكانت ربما الاشارة التي دفعت بثلاثة مسلحين بالصعود إلى سيارتي وضربي على رأسي بسبب أن البطاقة ليست بإسمي.
نقلت إلى قسم شرطة الحميري، القريب من المنزل، وهناك بقيت 4 ساعات دون أي تحقيق أو سؤال، لكنهما منعاني من اجراء اي اتصال، بعدما أخذا هواتفي وما في جيبي.
"أبو هاشم" قائد القسم، اتصل بجهة أخرى، عندما وصلوا الواحدة صباحاً إلى الحميري، وطلبوا فتح تحقيق سريع معي وايضاً المضبوطات التي كانت بحوزتي، وقام احدهم بتصويري عبر هاتفي وارسالها إلى طرف آخر، ربما كان الشخص الذي أكد لهم أنني يوسف عجلان.
نقلت إلى سيارة تاكسي معي اثنين مسلحين، وبسرعة كبيرة، كانت السيارة عاكسة للشارع الرئيسي، من أجل إيصالي إلى "البحث الجنائي"، في شارع العدل، .. وعند البوابة تم ابلاغ الحراس أنني شخص مطلوب لـ"أبو رائد"، الذي عرفت لاحقاً انه مسؤول البحث الجنائي عن الحوثيين.
ادخلت إلى حوش مفتوح وبداخله اكثر من 50 شخص، جميعهم لديهم سوابق جنائية، وهو الـ"حوش" الوحيد الذي يتواجد فيه الجنائيين، فيما يتواجد حوشين آخرين مخصصة لـ"المعتقلين".
جلس السجناء حولي يسألوني عن سبب اعتقالي، وحينما أخبرتهم لم يصدقوا، وكانوا يعتقدون أني احد المجرمين مثلهم، فمنهم متهم بقتل، وآخر بنهب 5 ملايين ريال، وثالث بقضية اختطاف ورابع وخامس و الخ.
في ذلك الحوش البارد في صيف الشتاء، لم يعطى لي بطانية او فراش، وقضيت ليلتي الاولى نائم على الرصيف "وهو ما لم يأتي النوم"، وفيه يتواجد "2 دورة مياه"، لا يوجد فيه مياة أصلاً، والقاذورات تملئ المكان.
خلال تلك الليلة استرجعت كل شيء.. معنى حياتي التي أصبحت في قبضة جماعة مجرمة ربما لن اعود إليها..
تألمت ليس على نفسي، بل على أبي وأمي الذين لا أعلم كيف سيكون حالهما حين يسمعان الخبر، خشيت ان يحدث لهما مكروها بسبب اعتقالي، أعلم مدى حبهما لي ولأخوتي، وما قد يضرهما بسبب سماعهما الخبر.. وكنت اتمنى انني لم اكن يومها ولدهم، حتى لا يتألمون لخبر اعتقالي.
أو لزوجتي التي تحمل في بطنها طفلي الثاني، وكيف ستكون ردة فعلها حين تنزل إلى الشارع من اجل ان تذهب معي لبيت أسرتها فتتفاجئ بعدم وجودي، ثم يصلها خبر اعتقالي.
أو لإخوتي ... لمن لهم في حياتي محبة.. لأصدقائي..
لكنها هي الحياة هكذا
للقصة بقية ..