الأخبار
- تصريحات وحوارات
زايد جابر: الحركة الحوثية تحمل بذور فنائها بداخلها وأي مصالحة دون نزع سلاحها تأجيل لمعركة قادمة (حوار2-2)
العاصمة أونلاين - خاص
الأحد, 15 يوليو, 2018 - 10:35 مساءً
قال وكيل وزارة الثقافة اليمنية زايد جابر، إن جماعة الحوثي تحمل بذرة فنائها في داخلها، ولا مستقبل لها في المجتمع اليمني مهما بدت عليه من سيطرة وقوة ومحاولات فرض مشروعها بالقوة.
وأضاف جابر، في الجزء الثاني والأخير من حواره مع "العاصمة أونلاين" "أن هناك محاولات من المجتمع الدولي لإبقاء هذه جماعة الحوثي على الأقل كما هو شأن حزب الله في لبنان، لأجل أن تكون شوكة في جنوب المملكة العربية السعودية ولابتزاز دول الخليج".
وأكد جابر، أن أي مصالحة دون نزع سلاح جماعة الحوثي وتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 سيكون تأجيل لمعركة قادمة، ولا يمكن أن يعود الأمن والاستقرار والدولة اليمنية في ظل بقاء الحوثي كجماعة مسلحة تحتفظ بسلاحها ولو في جزء من صعدة.
فيما يلي نص الحوار الذي أجراه الزميل/ هيثم الجرادي:
كيف ترى مستقبل جماعة الحوثي الانقلابية في ظل التجاذبات الدولية والمساعي الأممية لفرض حلاً سياسياً؟
الحقيقة على المدى البعيد، أنا مطمئن أن جماعة الحوثي تحمل بذرة فنائها في داخلها، وبالتالي لا مستقبل لها في المجتمع اليمني مهما بدت عليه من سيطرة وقوة ومحاولات فرض مشروعها بالقوة، وقد بدأت المقاومة من قبل ان تسيطر هذه الجماعة وإن كانت القوة الكبيرة التي امتلكتها والعنف الذي مارسته ضد المجتمع جعلتهم يهادنون إلى حين، ولكن على المدى القريب هناك محاولات من المجتمع الدولي لإبقاء هذه الجماعة على الأقل كما هو شأن حزب الله في لبنان، لأجل أن تكون شوكة في جنوب المملكة العربية السعودية ولابتزاز دول الخليج.
وأي مصالحة – وهو ما تسعى اليه دول كثيره- دون نزع سلاح هذه الجماعة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 إنما سيكون تأجيل لمعركة قادمة، ولا يمكن أن يعود الأمن والاستقرار والدولة اليمنية في ظل بقاء الحوثي كجماعة مسلحة تحتفظ بسلاحها ولو في جزء من صعدة، لأنه في ظل احتفاظ القوة المسلحة للحوثي ستعود الحرب بأي وقت، ولهذا ما يلوح بالأفق، فالشرعية والحكومة لا يمكن ان تتنازل أو تبيع تضحيات آلاف الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم والدماء الطاهرة التي سفكت في سبيل تخليص اليمن من هذا البلاء، ولا أتوقع أنها ستقبل مهما كانت الضغوطات بأي تسوية مخلة تحافظ على الجماعة الحوثية بسلاحها وسيطرتها على الجغرافيا التي تتواجد فيها، وسيمضي اليمنيين في الأخير لاستعادة دولتهم ومعالجة الجراح التي خلفتها هذه الفتنة.
- أين يكمن جوهر المشكلة الحقيقة التي نعاني منها اليوم؟
مشكلتنا الحقيقة هي مع الإمامة ومن يحاول أن يجعل مشكلتنا مع الحوثية كجماعة طارئة خارجية أخذت فكرها من إيران والخمينية فهذا تسطيح للمشكلة وعدم معالجة حقيقة لها، صحيح ان جماعة الحوثية أصبحت أداة من أدوات إيران وتأثر مؤسسها حسين بدر الدين وعبدالملك الحوثي بالخميني وحسن نصر الله وأصبحوا أدوات ضمن مشروع كبير تقوم به إيران لزعزعة أمن المنطقة، لكن هذا لا ينفي الجذور الفكرية والتاريخية التي اتكأت عليها الحركة الحوثية، والتي عملت ولا تزال على تحشيد الناس حول فكرها الإمامي والسلالي الذي يقوم على تقديس السلالة باعتبارها صاحبة الحق الإلهي بالحكم والسلطة.
- كيف تقرأ ما يروج له حول مصطلح "الهاشمية السياسية"، وهل هي الأداة الرئيسية للصراعات في اليمن؟
هناك بعض التحسس حول مصطلح الهاشمية باعتبار ان هناك هاشميين ليسوا مع جماعة الحوثي وهم ضدها ويقاتلوا في صف الشرعية، وهنا يجب أن نميز بين الهاشميين كسلالة، فلا أحد يحارب هاشمي لأن نسبه هاشمي، وأن نحارب كل من يحمل فكر يعتقد بأفضليته وأفضلية سلالته ويعتقد بوجوب الحق الإلهي له بالحكم.
بالمقابل ينبغي أن لا يتحسس من كان هاشمياً من توصيف الحقيقة، فالحوثي استطاع ان يغرر بقطاع واسع من الهاشميين وان يخدعهم بالقتال تحت وهم الاصطفاء والسلالة، ولابد ان نكون صريحين حتى نتمكن من إيجاد معالجات حقيقة، حيث يجب ننسف فكرة الاصطفاء السلالي للهاشمية، ويصبح بني هاشم مجرد قبيلة مثلهم مثل القبائل اليمنية الأخرى ليس لهم أي حق أطلاقاً، وننسف كلما يدعون إلى تمييزهم وتفضيلهم في التراث الزيدي وكذلك ما هو موجود في التراث السني.
- كيف تفسر عدم استعداء الهاشميين لسلالتهم وإنما لفكرهم؟
يجب أن نكون واضحين وصريحين نحن لا نستعدي أحد لنسبه وعرقه، وإنما نحن ضد الفكرة السلالية الإمامة، ويجب كشف كل الجرائم التي أرتكبها الأئمة منذ يحيى ابن حسين الرسي وحتى حميد الدين، وإن كان من سلالة هؤلاء الأئمة من هو متواجد في صفوف الشرعية لا يدفعنا ذلك إلى تغطية جرائم الإمامة، وحصر تلك الجرائم بجماعة الحوثي وكأن الحوثي اخترعها من رأسه أو جاء نشاز عن نظام وجماعة وسلالة ضلت تنازع في السلطة والحكم وتقتل اليمنيين قرابة 1200 عام.
وهذه هي محاولة كما حدث بعد ثورة 26 سبتمبر للتغطية على أصل الجريمة، حيث ذهب بيت حميد الدين وجاء بيت بدر الدين، واليوم يريدون إذا تم القضاء على بيت بدر الدين أن تظل البذرة فيظهر مستقبلا بيت شرف الدين وهكذا، وبالتالي يجب ان نحارب الفكرة وهي فكرة الاصطفاء والتمييز والحق الإلهي، وكل من قال بذلك فهو خصم لليمنيين وكل من هو ضد هذه الفكرة فهو يمني.
- لماذا ظهر هذا الاصطفاف والصوت الحاد مؤخراً ويسعى لتعميم الخطيئة على الهاشمية السياسية ككل؟
ما يجري اليوم من اصطفاف ضد الهاشمية السياسية وارتفاع الأصوات الى حد التطرف ضدهم من وجهة نظري انه أمر طبيعي ومتوقع، وقد كتبنا عن ذلك اثناء الحروب الست واثناء توسع الحوثي تحديداً بعد 2011، وكان الشهيد الزبيري قد قال في كتابه "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن" ان الإمامة تشكل خطر من ناحيتين على الهاشميين أكثر من أي شيء آخر، الأولى: أن الإمامة تقوم على التمييز والعنصرية والهاشميين يمثلون أقلية، واليمنيون كغيرهم من شعوب الأرض الحرة لا يمكن أن يخضعوا لجماعة جاءت اليهم وآوتهم ونصروهم ثم يدعون أنهم خيراً منهم وأنهم يجب أن يحكموهم.
والثانية: ان الإمامة تشكل جزء من صراع داخلي وعلى إخواننا الهاشميين ان يكونوا طلائع الحركة الوطنية والثورة القادمة لاقتلاع هذا الفكر العنصري والإمامة العنصرية وهذا الكلام كان يقولها الزبيري قبل ثورة 1962م، وقد انخرط فعلاً كثير من الهاشميين بالحركة الوطنية ونبذوا مثل هذه الأفكار، وهو ما جنب الهاشميين بعد ثورة 26 سبتمبر موجة الانتقام أو الحقد أو الاصطفاف ضدهم.
- قدمت ثورة 26 سبتمبر نموذج في التعايش الاجتماعي.. ما الحل الأمثل حتى لا تنال موجة ردة الفعل مستقبلاً "المحسن بالمسيء"؟
حاول بعض المتعصبين من الهاشميين حتى اليوم ان يقولون أن ثورة 26 سبتمبر أقصتهم أو أصابتهم ببعض الغمط وهذا غير صحيح، بالعكس عادوا معززين ومكرمين وتولوا المناصب وتغلغلوا داخل الدولة وعادوا لنشر فكرهم وكان ما كان بسبب التسامح الزائد عن اللزوم، ولكن اليوم مع هذه الجرائم التي يرتكبونها طبيعي ان تحصل ردة فعل تجاه هذا الفكر الإمامي، والحقيقة لا أرى فيها خطر كما يحاول البعض أن يصرف نظرنا إلى صوت متطرف هنا أو هناك لشخص مجهول في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة.
لكن هناك قاعدة "لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه" وستكون هناك ردة فعل أمام ما جرى قد تكون بعضها متعصبة ومتطرفة وقد تنال المحسن بالمسيء، والحل هو ان يتمسك الناس بالدولة لإحقاق الحق وتحقيق العدالة، لينال من ارتكب جرائم ضد الناس عقابه العادل، وثم تعمل الدولة على معالجة هذه الآثار والتداعيات ومحاربة الفكر السلالي والعنصري ونشر قيم الحرية والمساواة بين أبناء المجتمع.
- بصفتك وكيلاً لوزارة الثقافة.. هل أداء الوزارة في المعركة الفكرية الوطنية كان بمستوى المرحلة؟
ما من شك أن المعركة الفكرية في هذه المحنة التي نعيشها لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية لأن الإمامة هي فكرة قبل تكون دولة أو جماعة مسلحة، والأمور تمشي بخطوط متوازية ونحن أمام معركة متعددة الابعاد ذات جانب سياسي وثقافي وديني وفكري وكل ذلك وهي مهمة كبيره.
وزارة الثقافة تقع على عاتقها مسؤولية في نشر الفكر الوطني والجمهوري لمواجهة هذا الفكر العنصري المتخلف، ولكن أي تقييم لوزارة الثقافة ينبغي ان لا يكون بمعزل عن تقييم الشرعية والحكومة بشكل عام، فهناك حكومة خرج البلد بالإضافة إلى أنه حدث تجريف لمؤسسات الثقافة والدولة كاملة خصوصا بالعاصمة صنعاء، وبالتالي انشغل المثقفين كما هو غيرهم بشأنهم الخاص وبعض الذين في الداخل لم يستطيع في ظل القمع والإرهاب الموجود ان يتكلم بكلمة، ومن في الخارج تكلموا بما أتيح لهم من وسائل إعلام وتوصيل صوتهم.
- ما هي مشاريع وبرامج وزارة الثقافة المستقبلية؟
هناك بعض المشاريع التي نأمل ان تقوم بها وزارة الثقافة بالتعاون مع بعض المؤسسات من ضمنها مشروع "مئة كتاب"، حيث نسعى ان يكون للكتب دورها في مواجهة هذا الفكر العنصري، وان تعمل الكتب الوطنية المعروفة دور في صياغة الوعي الوطني مع بقية مؤسسات الدولة لنشر الوعي والفكر الثقافي الوطني، وان يتم العمل بدا من المحافظات المحررة بالكلمة والمسرح والكتب وبكل وسائل الثقافة الى جانب وسائل التوعية الأخرى من وسائل الإعلام والتربية والتعليم وغير ذلك.
وما من شك أن التحدي كبير ولا زال ما هو مطلوب دون هذا التحدي، وإن كنت اعتقد اأن الأولوية في هذه المرحلة هي لكسر التمرد العسكري لحركة الحوثي، حتى يمكن لهذه المؤسسات وللثقافة وغيرها ان تقوم بعملها بعد نزع السلاح من يد هذه المليشيا ورفع وصايته عن المجتمع، لتبدأ بعد ذلك المعالجات الثقافية والفكرية طويلة المدى.
*لقراءة الجزء الأول من الحوار مع "زايد جابر" اضغط هنـــــــــــــــــــــــا