الأخبار
- تقارير وتحليلات
التعليم في صنعاء.. إفشال متعمّد وتجهيل ممنهج (تقرير)
العاصمة أونلاين/ خاص
الخميس, 21 سبتمبر, 2023 - 04:37 مساءً
تشهد المدن اليمنية الخاضعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية الإرهابية، لا سيما العاصمة صنعاء، عملية تجهيل ممنهجة، منذ بداية الحرب التي شنتها المليشيات على اليمن إبان انقلابها على الشرعية واحتلالها مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر من العام 2014م، الذي يصفه اليمنيون بيوم النكبة، واليوم المشؤوم في تاريخ البلاد، يوم أن حاولت المليشيا العودة باليمن إلى عصر الإمامة والتخلف والكهنوت.
ويشار أن المليشيا الحوثية تسعى إلى تجهيل الأجيال، وإفشال العملية التعليمية، من خلال حربها المتواصل على كل ما له صلة في العلم والتعليم، عبر سلسلة من الأساليب الممنهجة، من أجل إنشاء جيل جاهل يؤمن بالسلالة، ويقدّس التبعية والطائفية، التي تحاول المليشيا غرسها وفرض خرافاتها بين أوساط الشباب في العصر الحديث.
تفخيخ المناهج الدراسية
ضمن حرب تلك المليشيا التي شنتها على اليمن واليمنيين، سعيها المتواصل إلى تفخيخ المناهج الدراسية، وتلغيم الدروس الوطنية، بالعديد من الأفكار الطائفية والسلالية المقيتة، من أجل تمرير المشروع العقائدي التدميري، مما تسبب بحالة من الرفض المجتمعي لهذه الأساليب التي تتخذها الجماعة، مما أثر سلبًا على التعليم، وأرسى قواعد التجهيل التي تسعى إليه المليشيا، خاصة في العاصمة صنعاء التي تشكو تطرف هذه الجماعة في مختلف المجالات وعلى كل المستويات.
وخلال الأعوام الأخيرة كثّفت المليشيا الحوثية من حشر الأفكار الطائفية في المناهج الدراسية، وتفخيخ عقول الطلاب وتغذية أفكارهم وغسل أدمغتهم بالفكر الطائفي المتطرف، مما ينذر بكارثة ثقافية وفكرية على الطلاب الدارسين والمقبلين على التعليم في مختلف المناطق التي تسيطر عليها المليشيا.
يقول رئيس نقابة المعلمين بأمانة العاصمة حسين الخولاني، "إنّ المليشيات الحوثية وضعت تدمير التعليم هدفاً استراتيجياً لا يقل أهمية عن الأهداف العسكرية، ووضعت التعليم منذ الوهلة الأولى، على الهامش. مؤكدًا أنّ هناك الكثير من الأشياء التي استخدمتها المليشيا في إطار الوصول إلى تجهيل الأجيال، واستخدمت العراقيل للعملية التعليمية التي كانت قائمة على أسس وطنية وفقًا للمبادئ والأهداف العامة للتعليم وفق الدستور.
وواصل "الخولاني" حديثه لـ "العاصمة أونلاين" بالقول: "من الوسائل أو الأشياء التي قامت بها جماعة الحوثي لإفشال العملية التعليمية في مناطق سيطرتها عمومًا وفي العاصمة صنعاء على وجه الخصوص، غرس المفاهيم الطائفية في المناهج الدراسية، التي تحمل الأحقاد والضغائن، وتؤدي إلى تفتيت النسيج المجتمعي، الذي هو من أهم ركائز التطور والنمو المجتمعي".
النجاح مقابل الإلتحاق في الجبهات
في منتصف العام 2021م اتهمت نقابة المعلمين اليمنيين المليشيات الحوثية باستغلال طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية لتجنيد الآلاف منهم والزج بهم في جبهات القتال، مما يؤكد جليًّا سعي الجماعة إلى التجهيل الممنهج ضد الأجيال في المناطق التي تسيطر عليها.
حينها صرّح الناطق الرسمي باسم نقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي، عبر وسائل إعلام محلية "أنّ النقابة حصلت على وثيقة تؤكد أن الحوثيين قاموا بإعفاء 2864 طالبا في المرحلة الثانوية، و1976 بالمرحلة الأساسية من الامتحانات ومنحوهم معدلات نجاح تتراوح بين 75% و90% بعد انخراطهم بالقتال في صفوف الميليشيا."
وأوضح "اليناعي" أنّ الوثيقة التي يعود تاريخها إلى العام 2015 تضمنت توجيهات ما تسمى اللجنة الثورية العليا للحوثيين بإعفاء الطلاب المنخرطين في القتال مع الحوثيين من امتحانات الثانوية العامة والشهادة الأساسية، على أن يتم احتساب المعدل العام لهم بنسب لا يقل عن 75% وألا يزيد عن 90%.
في هذا السياق يشير رئيس نقابة المعلمين بأمانة العاصمة في حديثه لـ "العاصمة أونلاين" إلى أنّ المليشيات تجبر الطلاب على دراسة الدورات الطائفية التي يقومون بها بين الحين والأخر، ونقلهم إلى جبهات القتال، مما تشكل حالة من الامتناع لأولياء الأمور من الدفع بأبنائهم إلى المدارس، خوفًا من إجبارهم للالتحاق بالجبهات القتالية، مما يشكل خطرًا على التنشئة الاجتماعية، وبناء مجتمع يتسم بالجهل والأمية.
ويرى مراقبون أن من أكبر المعضلات التي تواجه التعليم في مناطق سيطرة الحوثي وعلى وجه الخصوص العاصمة صنعاء، والتي تتعمد المليشيا على ارتكابها بشكل ممنهج، حرمان المعلمين من رواتبهم على مدى سنوات الحرب، رغم كل الإيرادات التي يحصلون عليها، والجبايات التي ينهبوها بذريعة دعم المعلم والتعليم، عبر ما يسمى صندوق دعم المعلم.
ورجّح "الخولاني" أنّ اثقال كاهل المواطن برسوم التعليم التي فرضتها المليشيات على الطلاب تحت مسمى "المشاركة المجتمعية" يعدّ سببًا جوهريًا وضمن الممارسات الحوثية لخلق جيل غير متعلم، قد ينساق إلى خرافاته السلالية الظلامية، التي يستهدف بها النشء من هم دون سن 12 عامًا، والفئات الطلابية المقبلين والمسجلين في المدارس.