الأخبار
- تقارير وتحليلات
كيف تحول جاري الحوثي من فقير معدم إلى مليونير؟
العاصمة أونلاين - خاص
الاربعاء, 23 أغسطس, 2017 - 05:36 مساءً
أصبحت قصص الثراء السريع والمفاجئ لقيادات ومشرفي جماعة الحوثي، محور حديث سكان العاصمة صنعاء واليمنيين بشكل عام، حيث تحول آلاف الحوثيين بشكل مفاجئ من فقراء معدمين إلى درجة كبيرة من الثراء يشترون الفلل والأراضي والعمارات ويعبثون بالملايين.
ويأتي عبث جماعة الحوثي وقياداتها بأموال الدولة ومقدراتها وسعيهم الحثيث لامتلاك أعداد من السيارات الفارهة وشراء العقارات وانفاقهم الباذخ في حين يتضور أبناء الشعب اليمني جوعاً ويشكو موظفي الدولة من الجوع والعوز بعد قرابة 10 أشهر من انقطاع المرتبات.
الوضع الجديد لأتباع الحوثي جعل البعض من اليمنيين يتذكر جاره أو صديقه الحوثي والذي كان قبل أن تفجر جماعته الحرب يشاطره الحال، ويتقاسم معه رغد العيش وشظفه.
يقول أحدهم: "طالما طرق باب شقتي طالباً 250 حق سيجارة أو مواصلات". يقول عبد الرحمن بنبرة مغصوصة عن صديقه الحوثي: " آخر مرة ، طرق الباب بطقم، وطلب مني أن أترك عملي في إحدى الجمعيات الخيرية، حيث كنت أعمل محاسباً " .
ظل عبد الرحمن يهز رأسه بصمت، فيما جاره الحوثي يملي عليه ما أسماه بنصيحة أخ لأخيه، وفيما تصدح مسجلة الطقم الجديد، بزامل حوثي، بأعلى درجة صوتية، ويجيل ثلاثة مسلحون أعينهم صوب الباب، بما يعني يقظة أمنية، مضى الجار الحوثي في سرد تفاصيل خطة جاهزة في اقتحام كل الجمعيات الخيرية في أمانة العاصمة، بدعوى أنها "مراكز داعشية، تأوي وتدعم الإرهابيين ".
وبابتسامة مصطنعة أضاف الجار الذي بدأت ترتسم على وجهه نضرة النعيم: " خليك في البيت، الآن نحن الدولة " .
وهو يبتلع الغصة والمزيد من الماء البارد، راح عبد الرحمن يبحث عن تعزيز نفسي، من ذلك النوع الذي يقنعك، آخر المطاف، في أن صمتك لم يكن جبناً، وأن الكلمات التي انهالت عليك نصائح وليست تهديدات، لكن قناعته في أن جاره السابق هو الدولة الحالية، ظلت ثابتة .
لم يكن الشاب عبد الرحمن سوى واحد من سكان العاصمة، الذين عايشوا طفرة التحولات الاقتصادية التي نقلت جيرانهم الحوثيين من حضيض الفقر إلى أعلى هرم الثراء، ما بين غمضة عين وانتباهتها .
الكاتب حسين الوادعي رصد جملة من هذه التحولات التي عايشها في صنعاء، إثر الاجتياح الحوثي للعاصمة والدولة: "اذا كنت تسعى لحياة مرفهه الآن، فوسيلتك لذلك ليس العمل أو التعليم أو الاستثمار وانما وسائل الانتاج الاكثر فعالية هي "الشاص والكلاشينكوف".
ويروي الوادعي جانباً من تحولات جاره الحوثي: " الجار الحوثي الفقير تحول الى مليونير، فعند اقتحام صنعاء في سبتمبر 2014 سطا على إحدى الوزارات ونهب سيارتين واستولى على البوفيه الموجودة في المبنى وحولها لحسابه، وحين بدأت الحرب تنوعت نشاطاته "الاقتصادية" لتضم بيع السلاح وتجارة المشتقات النفطية في السوق السوداء.
يضيف الوادعي : "جارنا المسكين ليس إلا واحداً من الآلاف الذين انخرطوا في نشاط اقتصادي قائم على الفتح والغزو، منذ اجتياح صنعاء.
وقال المغترب نجيب زيد، بغصة أكبر من تلك التي سكنت حلق عبد الرحمن: اغتربت لسنوات طويلة، بعيداً عن الأهل والوطن، وتحويشة العمر التي جمعتها على مدى عشر سنوات، يحصل عليها مشرف حوثي في غضون دقيقة.
وروى نجيب قصة جاره أيضاً: "كان يترصدني أمام سيارتي كلما عدت إلى صنعاء، على رأس كل ثلاث سنوات من اغترابي، وكنت اصطحبه الى سوق القات، وأتكفل بتكاليف الصحبة .. لم يكن يملك فلساً " .
يضيف بنبرة مريرة :" الآن صار مشرفاً حوثياً ، لديه ثلاث سيارات آخر موديل، ومرافقون مسلحون واشترى أرضاً كبيرة وبدأ البناء عليها ".
وبعد سكتة لطيفة قال المغترب الشاب الذي تلوح في رأسه شعرات بيضاء: حاولت أن ألتقيه بعد التحول الكبير الذي طرأ عليه، لكن صديقاً لي نصحني بعدم اتعاب نفسي: "إنه الان مشرف حوثي كبير ومشاغله كثيرة في عالم المال والعقار، كما أنه يصافح جيرانه السابقين بأطراف أصابعه ويتحدث من أنفه " .
وصار هذا الواقع يعرفه الجمع ويتداول الناس قصصاً وحكايات كثيرة عن ثراء الحوثيين وخصوصاً القيادات والمشرفين منهم، ويأتي هذا في حين تحول غالبية الأكاديميين والموظفين اليمنيين إلى بائعي قات أو عمال يحملون الأحجار ويعمل بعضهم في سوق الحراج بالأجر اليومي وآخرون عرضوا مكتباتهم للبيع وآخروهم باعوا سياراتهم ومنازلهم وهذا هو واقع الحال في العاصمة صنعاء وبقية المدن التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي وصالح.