صحفي
وأد الشهود وإعدام الحقيقة
الأحد, 19 أبريل, 2020 - 11:07 مساءً
بتهمة هي أقرب ما تكون للأضحوكة تلوح مليشيات الحوثي من حين لآخر بأوامر قضائية صادرة عن محاكم وقضاة لا اعتبار لهم تقضي بإعدام الصحفيين المختطفين وليس من جديد في تلك التهم المفصلة زورا وبهتانا على غير مقاسات الضحايا الأبرياء (رفع احداثيات والتعاون والتخابر مع العدوان) مع أن اختطاف وسجن الصحفيين تم قبل أن تظهر الملامح الأولى لتدخل ما يسمونه بالعدوان.
حتى والصحفيون داخل السجون والزنازين لا يستطيع أحدهم التواصل بأسرته فضلا عمن سواهم ولا يسمح لهم بزيارته وإن حصل فبصورة نادرة ولأغراض مشوبة بالخبث يتم من خلالها التلصص على المحادثات أثناء الزيارة والتنصت والتسجيل للمكالمات لمحاولة توظيفها للتشبث بأي من الأدلة لإدانة الضحية أو الضغط عليه وعلى أسرته وابتزازهم، أو خلق أسبابا لإلحاق الأذى بضحايا جدد.
أما لو وجد قلم أو ورقة في الزنزانة أثناء حملات التفتيش المفاجئة والمتناهية في البحث والتفحص في كل الزوايا والملابس والأغراض التي لا تستثنى منها الأحذية ودورات المياه فجريمة متكاملة الأركان في عرف مليشيات الحوثي ينال الضحية المحتجز-والصحفي على وجه الخصوص -بموجبها أقسى أنواع العقوبات فأنى لهم التخابر إذا لو افترضنا جدلا أن لهم صلة بما وراء جدران السجن.
ولكن يبدو أنه كلما رأت قيادات المليشيات الانقلابية بوارا في سوقها وركودا في تجارتها الكاسدة، أوكلما منيت بخسائر فادحة عسكريا أو شعرت بالإفلاس سياسيا فليس أمامها إلا ثلة الصحفيين المختطفين الذين تعدهم ورقة رابحة لتحقيق أي من المكاسب، ولأنها لا تراعي مُثل ٌ ولا تحتكم لقيم أو أعراف ولا تعترف بقوانين أو مواثيق بل ولا تمتلك أدنى مقومات الأخلاق والمروة ولا تؤمن باختلاف الأراء وتباين الرؤى فأنها لا تدرك مغبة ما تقترفه من الجرائم ، ولا أدل على ذلك من جعلها حملة الأقلام ورسل الحقيقة الأبرياء مشاريع لتصفية الحسابات أو للاستثمار البشع وما لم يتحقق لها أمر فلن ترعوي من أن تنتقل لآخر كأن تجعل منهم دروعا بشرية كما فعلت بـ (قابل) و(العيزري) رحمة الله عليهما ، ولا تخجل من أن تقايض بهم ولكأنهم رهائن أو أسرى حرب لتدرجهم ضمن صفقات تبادل الأسرى لتبادل بهم قتلة ومجرمين قبض عليهم وهم يقاتلون في صفوفها أبناء الشعب اليمني كما فعلته مع الصحفيين (يوسف عجلان) و(إبراهيم الجحدبي) و(أحمد حوذان) ومن اليهم ، كما أن رعونة ولؤم مليشيات الحوثي الانقلابية لا تنفك من إلحاق الأذى بحق هذه الشريحة بدئا بالتعذيب النفسي والجسدي والمحاكمات الهزلية خلال فترة السجن طيلة سنوات خمس عجاف وانتهاء بالتلويح بالإعدام كما هو الشأن مع الزملاء الأربعة (المنصوري) و(عمران) و(الوليدي) و(الحارث حميد) ومن قبلهم (الجبيحي) ..
ولعل قيادات مليشيا الحوثي تستمد جرأتها ووقاحتها في ارتكاب هكذا حماقات وانتهاكات صارخة من عدة عوامل لعل أهمها:
تماهي المجتمع الدولي والأمم المتحدة وغالبية المنظمات الدولية أو لنقل تغاضيهم عن جرائم مليشيات الحوثي إن لم يكونوا منحازين لهم كما هو الحال مع المبعوث الأممي الذي أثبت ذلك بما لا يدع مجالا للشك من خلال مؤشرات عدة آخرها عدم الإشارة في احاطته الأخيرة لمجلس الأمن لأوامر الإعدام بحق الصحفيين المختطفين.
حجم التعاطف مع الصحفيين على المستوى المحلي والدولي، ومدى تنامي الاستنكار والسخط الشعبي وارتفاع منسوب الخوف والقلق على مصيرهم.
مرارة الخسائر العسكرية المهولة التي منيت بها المليشيات الانقلابية في الآونة الأخيرة وهو ما جعلها تفقد الاتزان والسيطرة فغدت تتصرف بجنون وطيش أكثر من ذي قبل.
رغبة قيادة المليشيات الجامحة في أن تجعل من قضية الصحفيين وماتنزله بهم من عقوبات فزاعة لارهاب الآخرين ممن يقتفون خطاهم ويسيرون على نفس المنوال إمعانا منهم في وأد الحقيقة وقمع حرية الكلمة و مصادرة حق الرأي والتعبير.
عدم إعطاء المختطفين عموما والصحفيين على وجه الخصوص حقهم من الأهمية من قبل الجهات ذات العلاقة.
غياب التصور أو لنقل قصور الرؤية لدى المعنيين في الحكومة الشرعية ومنظمات المجتمع المدني الذين يكتفون بوقفات التضامن وبيانات الشجب والتنديد والاستنكار، وعجزهم عن التقدم خطوات أبعد من ذلك بما يسهم في تقديم حلولا ناجعة تفضي إلى خلاص الصحفيين من محنتهم.