صالح سحلول.. شاعر وثائر
الأحد, 16 ديسمبر, 2018 - 07:29 مساءً
لم يكن الشعر الشعبي في منأى عن معاناة المجتمع من حكم الأئمة وممارساتهم اللا إنسانية بحق اليمنيين، وكان هذا الأدب لونا ثوريا مميزا وكأنه لوحة إبداع فنية وواجهة الثورة اليمنية، وكان لهذا الفن دورا بارزا في مقاومة الإمامة.
وقد خاطب المجتمع بلغة الفن والعاطفة تارة وبالعتاب والتحريض تارة أخرى، لكي يثور من أجل الحرية والحياة الكريمة، وكان هذا الأدب حاضرا في ذاكرة اليمنيين وفي مجتمع يعاني من الجهل والأمية نظرا للحرب الممنهجة على التعليم وحصر القراءة والكتابة في الأسر السلالية لتظل مسيطرة على المجتمع كونهم في نظر الإمامة مجرد رعايا في حظيرة المستبد.
لذلك كان الشعر الشعبي حاضرا وبقوة وهو يصف الوضع الذي-كان يعيشه المجتمع اليمني ومعاناته مع حكم الأئمة وجورهم.
وكان الشاعر والثائر صالح سحلول هو ذاك الاديب الفذ الذي الهب الروح الثورية لدى العوام ودفعهم للكفاح في سبيل التحرر والانعتاق من رق العبودية للإمامة.
الشاعر يختصر المشهد ويضع صورة حقيقية للواقع المظلم وكيف ان المجتمع اليمني بات معزولاً عن العالم وكيف ان التغيير فتح باب التطور و حركة التقدم العلمي والتكنولوجي التي ابدعها العقل البشري عندما تحرر من قيود العبودية للحاكم.
قال ابن سحلول قوموا واذهنوا يا نيام
إلى متى يا بني شعبي يكون المنام
أليس ما قد كفاكم نوم تسعين عام
قد الحديد يا بني شعبي تحرك وقام
والرائد اول بلغ قصده ونال المرام
ودار فوق الفضاء الخارجي كالغمام.
كان الشاعر الثائر يعيش حالة صراع مع نفسه وهو يرى المواطن اليمني عاجزا عن صنع مستقبله وبناء وطنه، كما ان الألم كان يعصر فؤاده وهو يرى الشباب اليمني معزولاً ومحاصراً في ثنايا قيود العبودية للحاكم.
لا نولي العلم والتعليم أي اهتمام
نحيا حياة المهانين لا حياة الكرام
يا عصر غزو الكواكب كيف هذا الكلام
قد قيل أن التقدم والتطور حرام
لا في كتبنا ولكن في كتاب (الإمام)
ثم ينتقل الشاعر لوصف ابشع نظام حَكَم اليمنيين.. وارتكب بحقهم ابشع الانتهاكات والجرائم:
سفك دمانا ومزق لحمنا والعظام
وانتقم من طلايعنا أشد انتقام.
ثم صور الشاعر حالة االمواطن وهو محروم من نيل حقوقه الاساسية في حدها الأدنى كحق التعليم والصحة والعيش الكريم .....
هل تعلمي يا بلادي ما هو أكبر حرام
حرام عليك يا بلادي أن يطير الأنام
وأن نرى إنسان حول النجم حلَّق وحام
ونحن في الأرض عميان البصاير عوام
ومن خلال التأمل في أبيات هذه القصيدة الشعبية، نجد أن الشاعر انتقل الى مرحلة ثورية متقدمة وهو يصف طبيعة نظام الحكم في عصره وكيف ان الجيش غائب عن دوره الوطني وكيف تحول الى جيش مسلوب الارادة بفعل الجهل و كيف تخلى عن مهامه في حماية الشعب وتحول الى أداة للقمع والانتقام في سبيل رضى سيده وولي بؤس شعبه.
والشعب سلَّم مقاليد الأمور لِلِّئام
والجيش سلم زمام أمره إليهم ونام
وختم الشاعر قصيدته بأحلام الأمل القادم من رحم الغيب ووجّه لنفسه تساؤلات مليئة بالأمل والتفاؤل عن اليوم الذي يأتي وقد كسر الشعب اغلال قيود العبودية وخرج ثائرا في وجه الإمامة التي طال ليلها ودجاها وغاب فجرها وضحاها..
بالله يا العاصمة صنعاء ويا قصر سام
هو عاد أحد با يرى للفجر أي ابتسام
هو عاد شي شمس با تشرق قفا ذا الظلام
تجتث عرش الإمام الطاغية والمقام
ما أطول الليل هذا والدجى والسلام.