أربع سنوات على اختطاف قحطان
الاربعاء, 20 مارس, 2019 - 01:05 صباحاً
أربع سنواتٍ وأكثر ومحمد قحطان لا يُعرف مصيره في شيء، فيما يتجاهل الآخرون مجرد السؤال عن أحواله وظروفه القاسية ولو من باب إبداء التضامن المعنوي وإسقاط الواجب، ومع امتداد هذه الفترة الصعيبة لم تتاح فرصة واحده لأسرته وعائلته الصغيرة كي تخرج من واقع صدمتها المريرة في حال سُمح لها أن تهتدي إلى مكان احتجازه، بحيث تغادر مربع القلق الذي ينهكها على الدوام وتتمكن من العيش بأمل الإنتظار، فضلاً عن تخفيف المعاناة التي أصابتها بفعل الغياب الطويل .
ولهذا كان من المفترض أن تعكس التوجهات المتعلقة بقضايا الحقوق الإنسانية رغبتها القوية في المطالبة بكشف مصير المعتقلين السياسيين وتوفير قدراً من الحماية لهم، وخاصةً بالوصول إلى ظروف احتجازهم للاطمئنان على أحوالهم الخاصة ولإثبات وجودهم المرتبط بالحياة، لكن أن تحدث فكرة الإختطاف على حقيقة التغييب القسري دون جهة معلومة وعزله عن أبسط الحقوق فهذا يعد انتهاك صارخ للآدمية وتعدي واضح على الأعراف والقوانين ومحل استغراب لا يتسق مع كرامة الإنسان وقيم الحياة الدنيا .
وإمعاناً في إيلامه النفسي والجسدي عوقب صاحب النضال الوطني بهذه المحنة العصيبة التي حرمته الظهور مجدداً على منبر التنوير الوطني، بغية التوقف عن النشاط السياسي داخل الحركة الرافضة للهيمنة بكل صورها وأشكالها المختلفة، إذ وجدنا الحاجة المشتركة لتغييبه عن المشهد تقاطعت مع ذات الرؤى المستفيدة في وجه من يختلف معها حتى في طبيعة المسار ..
كما لا يمكن استيعاب قوة الوحدة السياسية ما لم تظهر النخب القائمة حرصها الشديد على عدم التفريط بهذه الشخصيات العظيمة، وتخطو خطوات جادة في سبيل المواقف التي تعزز من قيمة الانتصار للنماذج التي دافعت بوعي عن كل القضايا الوطنية، باعتبار عملها يمثل إتجاهاً صادقاً في مقارعة الخطوب وتقديراً للعلاقة الموصولة بالواقع،
لكن على ما يبدو أن كل عقلية متحررة من أعباء الماضي ربما لا تروق خصائصها على واقع المفترين على مصالح الشعب، وان ما كان عليه المناضل قحطان من سمات ومنطلقات لم يسبق لها بحال من الأحوال المداهنة أو الولاء يوماً لأعداء الدولة، ولم يكن فيما عُرف عنه من صفات مرموقة سوى مقاوم صلب لمقتضى ذات التمايز الذي أبتدعه غلّبة الحكام عبر فرص التاريخ والتي دامت حظوظها عقوداً من الأزمان ..
ثم إن هناك بُعداً آخر للخذلان والتجاهل من إرادة قحطان القوية وهي كامنة في عزيمته وتسلحه بإرادة التغيير ومهمة الإصلاح الشامل للوطن، وهذا أيضا يلقى خصومة شديدة من المناوئين لثورات الربيع العربي، وقد يكون سكوتهم عن خيرة عناصر الوطن رغبة في اغتيال الحياة المدنية والتنكيل بالمنادين بها..
لكن مهما تعاظم بطش المخالفين لسنن التغيير، فإن اقطاب النظرة السوية عبر نضالهم أحق الناس بالإتباع، وأن محاولة إنكار ما يستحق الالتفات إليه هي محاولة بائسة لا يُكتب لها البقاء حتى حين ، إذ يبقى مناصرة الرجال الأقوياء هو ما ينبغي فهمه جيداً في وعي المناصرين لمبادئ الحرية والكرامة الإنسانية ..