الأخبار
- تقارير وتحليلات
المعلم.. 6 سنوات من البطش والبحث عن لقمة "عيشه" التي صادرتها المليشيا الحوثية
العاصمة أونلاين/ خاص
الإثنين, 05 أكتوبر, 2020 - 11:40 مساءً
"المعلم" نالته أكثر من غيره من شرائح المجتمع تعسفات المليشيا الحوثية وانتهاكاتها، التي سيطرت على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، فكان المعلم عدوها الأول، زجت بالكثير منهم في المعتقلات، ناهيك عن القتل والإصابة التي تعرض لها المئات منهم، إضافة إلى أن المليشيا مستمرة في مصادرة وقطع رواتب أكثر من مائة وستين ألف معلم ومعلمة، منذ خمس سنوات تقريباً.
قد يحتفي معلمو العالم بعيدهم العالمي، الموافق الـ5 من أكتوبر إلا معلمي اليمن، احتفالهم سيكون ليس له حضور أو أي معنى، لتدهور العملية التعليمية برمتها، بسبب انقلاب الحوثيين، الانقلاب الذي كان أشد وطأة على التعليم ورواده، المعلمين، المغلوب على أمرهم، إذ وصل ببعضهم في محافظات واقعة تحت سيطرة المليشيا إلى تجنيدهم قسرياً، والزج بهم في المعارك، تحت ذريعة الحصول على نصف راتب يتيم.
سيكتفي المعلمون هذا العام ومعهم ناشطون بالاحتفاء بعيدهم كرمزية، بأن له مكانة لا بد أن يظل متربعاً عليها، كرائد للأجيال، كما قالت تغريدات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أغلبها تندب واقعاً، وتستذكر ماضياً، وإن لم يكن كله حلو، إذ شابته المرارة من خلال حقوقه غير المكتملة، لكنه على الأقل كانت لديه القدرة لأن يرفع صوته مطالباً بها، أما الآن فقد أصبح تحت مراقبة المليشيا الحوثية، تبطش به دون أن يرف لها جفن، إذ حاول المعلمون رفع صوتهم مطالبين بحقوقهم المصادرة منذ سنوات.
وصلت مليشيا الحوثي إلى لقمة "عيش" المعلم، التي انتزعتها منه، بمصادرة رواتبه، إضافة إلى الفصل التعسفي بحق العشرات، وهو ما أكده أحد موظفي وزارة التربية والتعليم في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا لـ"العاصمة أونلاين" وقال إن المليشيا فصلت عدداً من المعلمين تحت أسباب كثيرة تدعيها منها "مناصرة العداون" هكذا تكتب في محاضر الفصل.
وأشار إلى أن المليشيا تعمدت إحلال مناصرين لها بدل معلمين في العاصمة صنعاء، وغيرها من المحافظات، خصوصا في المواد الأدبية والدينية، مشيراً إلى أن أغلبهم لا يمتلكون مؤهلات رسمية، وبعضها مزور ومن جامعات أهلية جديدة أنشأتها بعد انقلابها على الدولة.
ويتعرض المعلمون الذين فضلوا الاستمرار في أداء واجبهم، إلى كثير من التعسفات، في مدارس المحافظات الخاضعة للانقلاب، أولها اضطرارهم إلى التعامل مع المنهج الجديد، الذي فرضته مليشيا الحوثي، والتي غيرت فيه الكثير من المفاهيم التي تصب في خدمة أجندتها الطائفية.
وعملت المليشيا إلى حوثنة وزارة التربية والتعليم، من أعلى هرمها والتي يتربع فيه شقيق زعيم المليشيا المدعو يحيى بدر الدين، إلى أسفل الهرم في الإدارات التربوية، ومشرفي الأنشطة في المدارس، وما صاحب ذلك من تغيير في المسميات والمصطلحات في المدارس والمراكز التعليمية، والتي لا تشكل أي بيئة صالحة لمواصلة التعليم، أو أن يعمل المعلم على مواصلة دورة.
ووصل الأمر بالمليشيا الحوثية في إطار التضييق الذي تمارسه على المعلمين، بأن وزعت في الأيام القليلة الماضية على المدارس استمارات وكشوفات فيها طلب تعبئة الانتماءات السياسية والدينية، وهو ما يشكل خطراً مضافاً للمعلمين، ويدل على أنهم يعملون في بيئة غير صالحة لتقديم رسالتهم التعليمية.
وترغم المليشيا الحوثية المعلمين على الالتحاق بدورات تثقيفية لتضليلهم بالأفكار الطائفية لنقلها وتلقين الطلاب بها، وهي الدورات التي تعمل بموجبها على فصل الممتنعين عن حضورها، وتبدأ في وضعهم في خانة الأعداء لها ولفكرها، وهو ما عرض لكثير من المعلمين للخطر، وصل إلى اختطاف بعضهم، وتعريضه للتعذيب الذي أوصلهم إلى الموت، ولا ذنب له إلا كونه معلماً، رفض إملاءات المليشيا.