حين ينطق المنطق: تحية لعبد الله صعتر ومقولته الخالدة فتحي أبو النصر
الاربعاء, 11 يونيو, 2025 - 02:54 صباحاً
فجأة تذكرت عبد الله صعتر ، والسبب أننا في بلد مثقل بالإرث الطبقي والمناطقي والمذهبي، بل وفي زمن تتنازع فيه الهويات الصغيرة روح الانتماء الكبير.
لتبرز كلمات قليلة لكنها تخرق الجدار السميك للتمييز والاصطفاف الاجتماعي.
من بين هذه الكلمات، ما قاله القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، عبد الله صعتر وسمعتها بلسانه بمجرد اندلاع الحرب الاولى بين المليشيات الحوثية الكهنوتية ذات الولاية وبين القوات الحكومية عام 2004م :
"إذا كان أبونا آدم قبيلي فكلنا قبايل، وإذا كان أبونا آدم سيد فكلنا سادة، وإذا كان أبونا آدم مزين فكلنا مزاينه."
ربما تمر هذه العبارة على البعض مرور الكرام، لكنها في جوهرها تحمل ثورة فكرية ضد إحدى أخطر آفات المجتمع اليمني:
الطبقية المتوارثة.
بل إنها ليست مجرد جملة قدر ما هي بيان إنساني، يحمل جرأة الوعي وسخاء الانتماء إلى الإنسان دون وسائط النسب أو الامتياز.
للأسف إستمرت الحرب حتى بلغت 6 حروب..ووو حتى العام 2104 حين انقلبت المليشيات ال..حوثية على الدولة والمجتمع
وإذ في الوقت الذي نجد فيه الكثير من القيادات السياسية غارقة في إعادة إنتاج الخطاب التقليدي القائم على تأكيد الفوارق وتعزيز الامتيازات الموروثة، جاءت كلمات صعتر حينها نغمة نشاز، لكنها النغمة الوحيدة التي تعزف لحنا منسجما مع مبدأ المساواة الذي يجب أن يكون حجر الزاوية في أي مشروع وطني جديد.
بمعنى أدق لا يهم من قال، بل ما قيل:
قد يقول قائل إن عبد الله صعتر قيادي في الإصلاح، وهو حزب إسلامي يحمل أحيانا خطابا محافظا وربما إقصائيا في بعض تجلياته.
لكن ماذا لو صدرت هذه الكلمات من قيادي اشتراكي؟ أو من أحد رموز المؤتمر الشعبي العام؟ أو حتى من مسؤول ح..وثي؟
لا فرق عندي... لأن الفكرة هنا تعلو على الانتماء السياسي، وتتجاوز السياق الحزبي الضيق نحو أفق أوسع من الوطنية الجامعة والإنسانية الرحبة.
بل إن هذه المقولة، لو أُدرجت في ديباجة الدستور اليمني الجديد، لما كانت زائدة عن الحاجة، بل ضرورة ملحة.
فهي اختصار ذكي وعميق لمبدأ دستوري يجب أن يُكتب: "اليمنيون سواسية، لا فضل لأحد على أحد بنسب أو طبقة أو سلالة أو مهنة."
وما يلفت في مقولة صعتر أنها استخدمت تصنيفات المجتمع التقليدية ذاتها — "قبيلي"، "سيد"، "مزين" — لتقويض هذه التصنيفات من داخلها.
إنها حيلة لغوية وفكرية ذكية،
فهو لم يأتي بخطاب نخبوي مفرغ من المعيش، بل اقتحم معجم الناس، وأعاد توجيهه نحو منطق المساواة.
فيما هذا النوع من الخطاب نادر، لأنه يواجه بنى اجتماعية عميقة، ويزعج مصالح كثيرة. لكنه مهم وضروري إذا أردنا لليمن أن يولد من جديد. ومن أجل يمن الجميع.
صدقوني إن ما قاله عبد الله صعتر ليس فقط تجليا لفكرة المواطنة، بل إعلان ناعم " ذو قوة وبأس"عن رفض كل أشكال التمييز.
صحيح قد نختلف معه سياسيا و فكراً، ولكن في هذه العبارة لا يسعنا إلا أن نحترم الرجل ونصفق للكلمة. خصوصا أن ابنه شهيد والآخر مازال في الجبهة يقاوم.
بل إن هذا هو الخطاب الذي تحتاجه اليمن اليوم:
خطاب يذيب الفوارق الوهمية، وينتصر للإنسان الفرد بوصفه إنسانا، لا بوصفه وريثا لنسب أو سلالة أو سلطة.
لذلك تحية للشيخ عبد الله صعتر، لا لأنه من حزب معين، بل لأنه في تلك اللحظة كان صوتا أعلى من الحزب، وأوسع من القبيلة، وأقرب إلى جوهر الإنسان اليمني كما ينبغى للإنسان اليمني شمالا وجنوبا ان يكون!
اقرأ ايضاً
آخر الأخبار
كاريكاتير

الأكثر قراءة
العاصمة اليوم

تقرير حقوقي صادر عن مركز العاصمة الإعلامي
الأحد, 13 أغسطس, 2017

ندوة مركز العاصمة الإعلامي
الأحد, 13 أغسطس, 2017

المرأة في صنعاء لا حرمة لها.. مركز العاصمة الإعلامي يرصد ...
الخميس, 01 يناير, 1970

مركز العاصمة الإعلامي يشهر دراسة بحثية عن استراتيجية إيران ...
الخميس, 01 يناير, 1970
