الحوثيون وإعادة هندسة التركيبة السكانية في صنعاء
الإثنين, 16 أبريل, 2018 - 03:25 مساءً
لم يكن تهجير الحوثيين لليهود إبان الحروب الستة إلا بداية مشوارهم الطويل لإعادة هندسة التركية الديمغرافية للسكان في المناطق التي تخضع لسيطرتهم، كضرورة لاستمرار حكمهم الثيوقراطي وفقا لنظرية الإمامة السلالية. أثناء تهجير الأقلية اليهودية هجر الحوثيون كل خصومهم من شيوخ القبائل المعارضة لهم مع مناصريهم ورجالهم، ومطلع العام 2014 بتهجير سكان دماج استكمل الحوثيون ترتيب التركيبة السكانية لمحافظة صعدة لصالحهم، بإخلائها من كل من لا يؤمن بنظرية السلالة.
لاحقا، أسقط الحوثيون صنعاء باشتباكات محدودة، وكان من الطبيعي ألا تجري عمليات تهجير كبيرة بسبب السيطرة السهلة على العاصمة لكن هدف الحوثيين الجوهري كان إعادة التهجير وصياغة المدن الواقعة تحت السيطرة التاريخية للإمامة قبل الجمهورية بما يتناسب مع نموذجهم الديني للتسلط والسيطرة.
وشيئا فشيئا بدأت إجراءات الحوثيين للتهجير القسري الجماعي والفردي الذين بلغ عددهم قرابة ثلاثة مليون نازح بحسب منظمات دولية، بدأوا بتهجير وتسريح أفراد الجيش خاصة المجندين من الفرقة الأولى مدرع المنحلة، ثم تحولوا إلى حزب الإصلاح وتهجيره وأنصاره، وهم كثر، وفي طريقهم هجروا أيضا هادي وأنصاره وقوضوا كل مؤسسات الدولة المركزية في العاصمة كمؤسسات ضخمة نشأت نتيجة لها مدينة صنعاء الضخمة والأكثر سكانا بمصالح من كل فئات الشعب اليمني.
وشكلت انطلاقة الحوثيين باتجاه مأرب وتعز والجنوب وانطلاق العاصفة فرصة ذهبية لإفراغ صنعاء كمدينة كبيرة تكونت خلال خمسة عقود في ظل حكم الجمهورية ليبلغ عدد سكانها قرابة ثلاثة ملايين نسمة بدون سكان الضواحي الريفية، وهو عدد ضخم جدا مقارنة بكل المدن اليمنية الأخرى، وينعكس فيه كل سكان اليمن من مختلف محافظاتهم وانتماءاتهم المتنوعة.
ورغم خلو التركيبة السكانية في صنعاء قبيل العاصفة من التنوع السياسي والحزبي فإنها حافظت على مكانتها كأكبر مدينة يمنية فيها تنوع سكاني مستقر في المدينة، وظل هذا الهاجس يؤرق الحوثيين، فبدأوا بإجراءاتهم القمعية التي تهدف إلى تهجير كل سكان صنعاء من المحافظات التي تقع خارج السيطرة التاريخية للإمامة مثل تعز والجنوب ومأرب، والمناطق الوسطى، بقطع الكهرباء والخدمات والمداهمات والاختطافات والتعذيب.
ولم تكن إفراغ المدينة من سكان المحافظات الاخرى هدفا نهائيا للحوثيين بل تدمير المدينة ذاتها ذلك أن المدن –وخاصة صنعاء- بمصالحها المتراكمة يمكنها أن تشكل قوة مهمة في وجههم على غرار التأثير الذي شكلته ساحة صنعاء أثناء الثورة الشعبية في 2011، ولأجل هذا الهدف سيطر الحوثي على مفاصل اقتصاد المدينة بالوقود والغاز والتعليم والتجنيد والرسوم والجبايات المستمرة والألغام وغيرها لإجبار سكانها على النزوح إلى القرى والأرياف، لتمتد هذه الإجراءات إلى إنشاء المنافذ الجمركية في الطرق الرابطة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة الإمامة الحوثية وتشكل دافعا رئيسيا لهروب ونزوح حركة رأس المال والقطاع الخاص من صنعاء.
القطاع الخاص هو حجر الزاوية في بناء المدن وإنشاء الطبقات الاجتماعية المتوسطة وعادة ما يكون لها توجهات ومطامح وأهداف مشروعة لا يمكنها أن تترعرع تحت ظل الحكم بالسيف والرعب والانتماء، ومثل مقتل صالح دافعا مهما للحوثيين في التهام الطبقة التجارية الضخمة المرتبطة به ولديها أموال وشركات وبنوك في مختلف المجالات، للسيطرة على هذه الأموال واستخدامها في تحقيق أهدافهم الديمغرافية من جهة مثل شراء العقارات والسيطرة على القطاع الخاص، ومن جهة أخرى تسريح العاملين السابقين وبالتالي تهجيرهم من صنعاء. لتبدو صنعاء كعاصمة ليست سوى أحياء صغيرة يسيطر الحوثي على مجالها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ولتكون نسخة مصغرة من صعدة التي لا تضم في شوارع مركزها سوى المجمع الحكومي من جهة والمقابر الحوثية بالجهة الأخرى من الشارع.
لاحقا، أسقط الحوثيون صنعاء باشتباكات محدودة، وكان من الطبيعي ألا تجري عمليات تهجير كبيرة بسبب السيطرة السهلة على العاصمة لكن هدف الحوثيين الجوهري كان إعادة التهجير وصياغة المدن الواقعة تحت السيطرة التاريخية للإمامة قبل الجمهورية بما يتناسب مع نموذجهم الديني للتسلط والسيطرة.
وشيئا فشيئا بدأت إجراءات الحوثيين للتهجير القسري الجماعي والفردي الذين بلغ عددهم قرابة ثلاثة مليون نازح بحسب منظمات دولية، بدأوا بتهجير وتسريح أفراد الجيش خاصة المجندين من الفرقة الأولى مدرع المنحلة، ثم تحولوا إلى حزب الإصلاح وتهجيره وأنصاره، وهم كثر، وفي طريقهم هجروا أيضا هادي وأنصاره وقوضوا كل مؤسسات الدولة المركزية في العاصمة كمؤسسات ضخمة نشأت نتيجة لها مدينة صنعاء الضخمة والأكثر سكانا بمصالح من كل فئات الشعب اليمني.
وشكلت انطلاقة الحوثيين باتجاه مأرب وتعز والجنوب وانطلاق العاصفة فرصة ذهبية لإفراغ صنعاء كمدينة كبيرة تكونت خلال خمسة عقود في ظل حكم الجمهورية ليبلغ عدد سكانها قرابة ثلاثة ملايين نسمة بدون سكان الضواحي الريفية، وهو عدد ضخم جدا مقارنة بكل المدن اليمنية الأخرى، وينعكس فيه كل سكان اليمن من مختلف محافظاتهم وانتماءاتهم المتنوعة.
ورغم خلو التركيبة السكانية في صنعاء قبيل العاصفة من التنوع السياسي والحزبي فإنها حافظت على مكانتها كأكبر مدينة يمنية فيها تنوع سكاني مستقر في المدينة، وظل هذا الهاجس يؤرق الحوثيين، فبدأوا بإجراءاتهم القمعية التي تهدف إلى تهجير كل سكان صنعاء من المحافظات التي تقع خارج السيطرة التاريخية للإمامة مثل تعز والجنوب ومأرب، والمناطق الوسطى، بقطع الكهرباء والخدمات والمداهمات والاختطافات والتعذيب.
ولم تكن إفراغ المدينة من سكان المحافظات الاخرى هدفا نهائيا للحوثيين بل تدمير المدينة ذاتها ذلك أن المدن –وخاصة صنعاء- بمصالحها المتراكمة يمكنها أن تشكل قوة مهمة في وجههم على غرار التأثير الذي شكلته ساحة صنعاء أثناء الثورة الشعبية في 2011، ولأجل هذا الهدف سيطر الحوثي على مفاصل اقتصاد المدينة بالوقود والغاز والتعليم والتجنيد والرسوم والجبايات المستمرة والألغام وغيرها لإجبار سكانها على النزوح إلى القرى والأرياف، لتمتد هذه الإجراءات إلى إنشاء المنافذ الجمركية في الطرق الرابطة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة الإمامة الحوثية وتشكل دافعا رئيسيا لهروب ونزوح حركة رأس المال والقطاع الخاص من صنعاء.
القطاع الخاص هو حجر الزاوية في بناء المدن وإنشاء الطبقات الاجتماعية المتوسطة وعادة ما يكون لها توجهات ومطامح وأهداف مشروعة لا يمكنها أن تترعرع تحت ظل الحكم بالسيف والرعب والانتماء، ومثل مقتل صالح دافعا مهما للحوثيين في التهام الطبقة التجارية الضخمة المرتبطة به ولديها أموال وشركات وبنوك في مختلف المجالات، للسيطرة على هذه الأموال واستخدامها في تحقيق أهدافهم الديمغرافية من جهة مثل شراء العقارات والسيطرة على القطاع الخاص، ومن جهة أخرى تسريح العاملين السابقين وبالتالي تهجيرهم من صنعاء. لتبدو صنعاء كعاصمة ليست سوى أحياء صغيرة يسيطر الحوثي على مجالها السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ولتكون نسخة مصغرة من صعدة التي لا تضم في شوارع مركزها سوى المجمع الحكومي من جهة والمقابر الحوثية بالجهة الأخرى من الشارع.