على طريق التحرير، مدخل لفهم تهامة
الخميس, 16 أغسطس, 2018 - 04:52 مساءً
تهامة هبة البحر والاودية والتجارة.. المتأمل في خارطة المدن التهامية يجد بسهولة الأسباب الموضوعية لتوزعها على السواحل والاودية الداخلية وعلى طرق التجارة القديمة.
لكل مدينة داخلية على الوادي مرفأها الساحلي، فالخوخة على البحر الاحمر مثلا مرفأ لمدينة حيس على مصب وادي نخلة القادم من جبال اب، وحيس سوق اسبوعي لسكان السواحل والأرياف والجبال المتاخمة لها كشمير وجبل راس والعدين.
وكلما توغلت شمالا تجد الأمر مشابها فالفازة مرفأ لزبيد والجراحي على وادي زبيد، وهما سوقان للجبال المتاخمة لهما في وصاب.
وبالمثل المنصورية وبيت الفقيه والحسينية كأسواق لجبال ريمة، وكذلك الحديدة وباجل كأسواق لصعفان وحراز، والقناوص والزيدية كأسواق لجبال المحويت وميدي وعبس وحرض كأسواق لجبال حجة.
فكل مدن تهامة تتوزع على مصاب الاودية ولكل مدينة مرفأها الساحلي وأسواقها الجبلية المتاخمة لها. أما ما يفسر توزعها من الجنوب للشمال وعلى ذات المسافة من الجبال والبحر فهو طريق تجارة اللبان قديما الذي كان يتم جلبه من الصومال، وطريق الحج مع الحقبة الاسلامية.
ولأنها مدن ساحلية ومدن أسواق في المنتصف بين البحر والجبل فسكان المدن التهامية متنوعون وأقرب للشعب منهم الى التقسيم القبلي التقليدي في أرياف تلك المدن.
فهم هذه الخاصية لتهامة كمدن أسواق، يساعد على فهم المصالح القومية للتهاميين، الذين تأثروا أكثر من غيرهم بالتقلبات السياسية في البلاد، وبالمتغيرات في اساليب وادوات التجارة العالمية.
فالنقل عبر الحاويات قضى على التجارة البحرية عبر السفن الخشبية التي كانت تعتمد عليها المدن الساحلية، وسهولة نقل البضائع والدقيق المستورد، قضى على زراعة الحبوب والتمور التي كانت تعتمد عليها المدن الداخلية على الاودية وكذلك في السواحل.
صيد الاسماك وصناعة تصديره لدول الجوار كان بديلا عن التجارة البحرية عبر السفن الشراعية لمدن السواحل. الا أن الارياف التهامية ومدن الاودية لا تزال تعاني وقد فقدت زراعة الحبوب التي كانت تعتمد عليها القدرة على منافسة الدقيق والبضائع الغذائية المستوردة.
بعض المدن كالحسينية وبيت الفقيه وجدت بديلا في بعض الزراعات التي يمكن تصديرها كالموز والبصل والمانجا، الا ان الأمر لا يزال بحاجة لكثير من الدعم لتعميمه لبقية المدن والارياف المتاخمة لها على مصاب الاودية.
نظام الاقاليم واليمن الاتحادي الجديد قد يساعد المجتمعات المحلية على تطوير انشطتها الاقتصادية لتعود للمنافسة على صعيد التجارة الدولية كما كانت عبر التاريخ.