القاضي الأكوع مؤرخ اليمن
الخميس, 09 مايو, 2019 - 04:50 مساءً
يعد القاضي إسماعيل الأكوع رحمه الله ( 1920 م - 2008م ) ظاهرة فريدة قل أن تتكرر فهذا العلم اليماني الشامخ هو بكل المقاييس موسوعة تاريخية وعلمية شاملة فهو القاضي والثائر الوطني والباحث والمؤرخ والدبلوماسي والرحالة .
نشأ القاضي الأكوع في مدينة ذمار في بيت علم وقضاء ولكنه رغم شيوع التقليد في بيئته حينها فقد اجتهد ونبذ التقليد ودافع عن السنة النبوية وعن أعلامها في اليمن وعن علماء اليمن المجتهدين .
اشتغل بالسياسة منذ وقت مبكّر ، فقد انضم إلى الثوَّار المناهضين لحكم الإمام وسجن لمرتين في قلعة القاهرة في مدينة حجة حيث أُرسل إلى السجن مع عدد من الثوَّار مطوقين بالأغلال بأمر من الإمام يحي ثم سجن بعد فشل ثورة 1948 م في تعز بأمر من الإمام أحمد ولبث في 3 سنوات ثم أفرج عنه نتيجة لمرضه حيث توسط له مشايخ وشخصيات لكي يذهب إلى عدن للعلاج وقد رفض العودة إلى تعز أو صنعاء ومكث في عدن والتحق بالثوار أمثال الأستاذ القاضي الزبيري والأستاذ أحمد النعمان وعندما انتقل القاضي إلى القاهرة لحق به الأكوع وخلال عمله الوطني مع الثوار والأحرار تغرب وتشرد عن وطنه وعانى كثيرا حتى عاد إلى اليمن قبيل الثورة بعامين .
ولشدة شغفه بالعلم والآثار والمخطوطات ترك العمل الدبلوماسي في الخارجية اليمنية والذي التحق به بعد ثورة 1962م حتى عام 1969م حيث استقال وبدأ بتأسيس (الهيئة العامة للآثار ودور الكتب) وبقي في رئاستها 21 سنة إلى أواخر سنة 1990م وبحث عن الآثار اليمنية وعمل على ارشفتها في الهيئة العامة للآثار كما أقتنى أكثر من 3 آلاف مخطوطة نادرة .
طاف الأكوع الكثير من مناطق اليمن وأطلع على معالمها وتعرف على أهلها وعلماءها ورصد المدارس والهجر العلمية فيها وألف عنها كتابه الشهير " هجر العلم ومعاقله في اليمن " في ثلاثة أجزاء كبيرة حيث يمثل هذا الكتاب بحق مرجع هام لكل الباحثين والمؤرخين وعمل موسوعي متميز واضافة كبيرة للمكتبة اليمنية والعربية كما كتب القاضي الأكوع عن بلدان اليمن وقبائلها وانسابها ومظاهر الحضارة في اليمن مثل السدود والمدارس الإسلامية وأعراف وتقاليد حكام اليمن في العصر الإسلامي وكذلك مظاهر الثقافة اليمنية مثل الأمثال اليمانية وقصصها وله مصنفات عديدة وتراجم لعلماء اليمن أمثال العلامة محمد بن ابراهيم الوزير والعلامة نشوان بن سعيد الحميري كما كان عضوا فاعلا في الكثير من المجامع العربية والإسلامية في العالم العربي والإسلامي .
وقد عرف عن القاضي رحلاته في الكثير من بلدان العالم العربي والاسلامي وبلدان العالم فكان بحق ابن بطوطة اليمن ومن خلال رحلاته وعمله السياسي والعلمي تعرف إلى عدداً كبيراً من العلماء والأدباء من عرب وعجم، مسلمين وغير مسلمين وربطته بهم علاقات وثيقة .
انتقد القاضي اسماعيل الأكوع الزيدية وألف عنها كتابه الشهير : ( الزيدية نشأتها ومعتقداتها ) وهو ما جلب عليه الكثير من حملات التشهير والمضايقات من قبل بعض المتعصبين .. رحمه الله .